أفغانستان: إحاطة مجلس حقوق الإنسان بآخر المستجدات
01 تموز/يوليو 2022
أدلى/ت به: مفوّضة الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان ميشيل باشيليت
سيّدي رئيس المجلس،
أصحاب السعادة،
عزيزاتي نساء وفتيات أفغانستان،
أود أولًا أن أعرب عن تعاطفي وتضامني مع جميع المتضررين من الزلزال الذي ضرب أفغانستان. فهذه الكارثة تؤدّي إلى تفاقم الوضع اليائس أصلاً الذي يعيشه السكان الأفغان، ولا سيّما النساء والفتيات منهم.
فهنّ يواجهن استفحال الجوع وانعدام الأمن الغذائي اللذين يؤثّران على أكثر من 90 في المائة من الأسر التي تعيلها النساء. وتصاعد العنف المنزلي والمضايقات. والاعتداءات على المدافعات عن حقوق الإنسان والصحفيات والقاضيات والمحاميات والمدعيات العامات. وتفاقم البطالة بين النساء وسط اقتصاد على وشك الانهيار التام. وقيودًا على الحركة واللباس وأثرها على الوصول إلى الخدمات الأساسية وتزايد القلق والاكتئاب. وإقفال الشركات التي تملكها وتشغّلها النساء. والإفلات المستمر من العقاب. وتوقف التعليم الثانوي لـ1.2 مليون فتاة.
هذه ليست سوى بعض التجارب اليومية التي تواجهها النساء والفتيات في أفغانستان.
وفي حين أن بعض هذه المخاوف يعود إلى ما قبل بسط طالبان سيطرتها على البلاد في آب/ أغسطس 2021، كانت الإصلاحات في ذلك الوقت تسير في الاتجاه الصحيح، وتمّ تسجيل بعض التقدّم والأمل. ولكن، منذ أن استولت طالبان على السلطة، تواجه النساء والفتيات أكبر وأسرع انتكاسة شهدها تمتعهنّ بحقوقهن في جميع المجالات منذ عقود.
وسيكون مستقبلهنّ قاتمًا أكثر بعد، ما لم تتغير الأوضاع فورًا.
والمسؤولية تقع علينا جميعنا من دون أيّ استثناء.
معًا، وفي طليعتنا النساء الأفغانيات، يجب حماية وتعزيز حقوق جميع النساء والفتيات.
وقد أكّدت سلطات الأمر الواقع التي التقيت بها خلال زيارتي في آذار/ مارس من هذا العام، أنها ستفي بالتزاماتها في مجال حقوق الإنسان، بقدر ما تتوافق مع الشريعة الإسلامية.
ومع ذلك، وعلى الرغم من هذه التأكيدات، نشهد إقصاءً تدريجيًا للنساء والفتيات من المجال العام واضطهادهن المؤسسي والمُمَنهج.
وطابان هي المسؤولة الأساسية عن الامتثال لالتزامات أفغانستان القانونية بموجب المعاهدات الدولية، بصفتها السلطة الفعلية التي تمارس السيطرة الفعالية، بما في ذلك الالتزام بالقضاء على التمييز ضد المرأة وضمان حق المرأة في المشاركة على قدم المساواة مع الرجل في الحياة المدنية والعامة، بما في ذلك الحياة السياسية ومنتديات صنع القرار.
وكانت النساء المثيرات للإعجاب اللواتي التقيت بهن خلال زيارتي واضحات في مطلبهنّ، فهنّ يرغبن في عقد حوار مباشر وشخصي مع سلطات الأمر الواقع. والعمل جار على تيسير طلب الأفغانيات هذا، بقيادة بعثة الأمم المتحدة لتقديم المساعدة إلى أفغانستان.
أطلب اليوم ومن جديد، من سلطات الأمر الواقع أن تستجيب لدعوات هؤلاء النساء، فتسمح لهنّ بالإدلاء بدلوهن والانخراط في حوار هادف. ما سيعود بالفائدة على أفغانستان ككل.
كما أدعو سلطات الأمر الواقع إلى تحديد موعد ثابت تفتح فيه المدارس الثانوية أبوابها أمام الفتيات، وإلى ضمان جودة التعليم، بمنأًى عن أيّ تمييز وإلى توفير الموارد للأساتذة والمعلمين.
وأحثها على إزالة القيود المفروضة على حرية حركة المرأة، بما في ذلك شرط مرافقة المرأة من قبل محرم وستر وجهها بالنقاب، وعلى تمكين حقهن في الحصول على عمل، بما في ذلك العمل الحر.
كما أشجع على إعادة إنشاء آليات مستقلة لتلقي الشكاوى وحماية ضحايا العنف الجنساني. ويجب التحقيق بشكل مستقل في جميع أعمال العنف الجنساني ومحاسبة المسؤولين عنها.
وأخيرًا، أشجع بأقوى العبارات سلطات الأمر الواقع على التعامل مع البلدان ذات الأغلبية المسلمة التي تتمتع بخبرة واسعة في مجال تعزيز حقوق النساء والفتيات، على النحو الذي يكفله القانون الدولي، في هذا السياق الديني. وفي هذا الصدد، تعد الزيارة القطرية الأخيرة التي قام بها وفد من منظمة التعاون الإسلامي خطوة بارزة في هذا الاتّجاه.
أما بالنسبة إلى المجتمع الدولي، فمن الضروري للغاية أن يبذل المزيد من الجهود المتضافرة ويصرّ على أن تقوم سلطات الأمر الواقع على وجه السرعة باستعادة وحماية وتعزيز حقوق النساء والفتيات الأفغانيات.
والفرص سانحة لذلك. فالمحافظون في بعض المناطق يطبّقون السياسات بطرق توفر خيارات للنساء والفتيات. ويجب أن نبني على هذا الانفتاح من أجل توسيع نطاق المشاركة والتعليم والفرص الاقتصادية للمرأة.
وبإمكان المجتمع الدولي أيضًا أن يدعم المبادرات المستمرة للقيادات والمفكرات الأفغانيات، ومجموعات المجتمع المدني، بهدف تصميم استراتيجية لتعزيز حقوق النساء والفتيات، مع معايير وتوقعات واضحة، وذلك بقيادة المرأة الأفغانية.
فهذه الخطوة هي خطوة في الاتّجاه الصحيح، وهي ضرورية على المستوى العملي. وفي خضم الأزمة الاقتصادية، لا غنى عن مساهمة المرأة في النشاط الاقتصادي، ما يتطلب في حد ذاته الوصول إلى التعليم وحرية التنقّل والتحرّر من العنف.
وأحث الدول الأعضاء التي فرضت عقوبات على أفغانستان، على تيسير الدعم الذي تشتدّ الحاجة إليه.
بالإضافة إلى ذلك، يجب أن تبقى حقوق الإنسان، بما في ذلك حقوق المرأة وشواغلها، في صميم جميع عمليات التقيي والبرامج الإنسانية. ويجب أن تتمتع النساء بوصول آمن ومتكافئ إلى المساعدات الإنسانية، بما في ذلك وصول العاملات في مجال الإغاثة من دون عوائق.
أصحاب السعادة،
يجب أن تشكّل مناصرة حقوق النساء والفتيات المستمرّة والقائمة على المبادئ، جزءًا لا يتجزأ من أي انخراط مع طالبان. فذلك كان وسيظل من أولويات عمل مفوضيتنا وخدمة حقوق الإنسان التابعة لبعثة الأمم المتحدة لتقديم المساعدة إلى أفغانستان.
نحن أمام لحظة حاسمة من التاريخ، حيث أصبح مصير النساء والفتيات في البلاد على كفّ عفريت. وهنّ يستحقِقْن عملنا الحازم والفوري. ويجب أن يسمعن صوت هذا المجلس يصدح عاليًا.
وشكرًا.