Skip to main content
x

المفوّض السامي فولكر تورك في معرض تقديمه آخر المستجدات العالمية خلال الدورة الـ56 لمجلس حقوق الإنسان: "علينا أن نجد فورًا طريق العودة إلى السلام"

العودة

18 حزيران/يونيو 2024
أدلى/ت به: مفوّض الأمم المتّحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك

المفوّض السامي فولكر تورك يعرض آخر المستجدّات العالمية خلال افتتاح الدورة الـ56 لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتّحدة © المفوضية السامية لحقوق الإنسان

سيّدي الرئيس،
أصحاب السعادة،
أيها المندوبون الكرام،

يؤلمني أن أستهلّ مرّة جديدة تقريري إلى هذا المجلس الكريم، بشأن آخر المستجدات العالمية في مجال حقوق الأنسان، بالحرب وقساوتها.

ففي آذار/ مارس الماضي، تحدّثت عن الحق في السلام.

ومنذ ذلك الحين، ازدادت النزاعات حدّة.

وأمسى قتل المدنيين وجرحهم من الأحداث اليومية.

تمامًا كما تدمير البنية التحتية الحيوية التي أمست هي أيضًا من الأحداث اليومية.

أحداث مدمِّرة ومتهورة.

شأنها شأن إطلاق النار على الأطفال. واستهداف المستشفيات. وقصف مجتمعات محلية بأكملها بالمدفعية الثقيلة.

وتُرتَكَب هذه الأعمال الوحشية كلّها في موازاة خطاب بغيض ومثير للانقسام يجرّد الآخر من الإنسانية.

أعرب عن قلقي البالغ حيال تجاوز الأطراف المتحاربة وبأشواط، حدود ما هو مقبول لا بل قانوني حتّى، وعلى العديد من الجبهات، مع ازدراء تام للآخر، والدوس على حقوق الإنسان في جوهرها.

ففي العام 2023، أظهرت البيانات التي جمعتها مفوضيتنا أنّ عدد القتلى المدنيين الذين سقطوا في سياق النزاعات المسلحة قد ارتفع بنسبة 72 في المائة.

لكنّ البيانات التي تشير إلى أنّ نسبة النساء اللواتي قُتلن في العام 2023 تضاعفت، فيما تضاعفت أيضًا نسبة قتل الأطفال ثلاث مرات، مقارنة مع العام السابق، مرعبة أكثر بعد.

لقد هالني تجاهل الأطراف في النزاع في غزة القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني. فالموت والمعاناة هناك غير مقبولَيْن إطلاقًا، حيث قُتل أو جُرح أكثر من 120,000 شخص في غزة، معظمهم من النساء والأطفال، منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر، نتيجة الهجمات الإسرائيلية المكثفة. ومنذ أن صعّدت إسرائيل من عملياتها في رفح في أوائل أيار/ مايو، تم تهجير نحو مليون فلسطيني قسرًا مرة جديدة، في حين تدهورت عملية إيصال المساعدات الإنسانية والوصول إليها أكثر بعد.

كما تتدهور الأوضاع في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، بشكل مروّع. فحتى 15 حزيران/ يونيو، قتلت قوات الأمن الإسرائيلية و/أو المستوطنون الإسرائيليون 528 فلسطينيًا، من بينهم 133 طفلًا، منذ تشرين الأول/ أكتوبر، ما يثير مخاوف جدية من عمليات القتل غير المشروع في العديد من الحالات. وفي الفترة نفسها، قُتل 23 إسرائيليًا في الضفة الغربية وإسرائيل في اشتباكات مع فلسطينيين أو في سياق اعتداءات نفّذها فلسطينيون، من بينهم 8 من أفراد قوات الأمن الإسرائيلية.

وتتسبب الغارات الإسرائيلية المتواصلة على غزة في معاناة هائلة ودمار شامل. ويستمر الحرمان التعسفي من المساعدات الإنسانية وعرقلة وصولها، كما تواصل إسرائيل احتجاز آلاف الفلسطينيين تعسفًا. يجب وضع حد فوري لهذه الممارسات.

ولا تزال الجماعات الفلسطينية المسلحة تحتجز العديد من الرهائن، وفي بعض الحالات في مناطق مكتظة بالسكان، ما يعرضهم والمدنيين الفلسطينيين لمزيد من الخطر. يجب إطلاق سراح هؤلاء الرهائن فورًا.

وتثير الأنماط التي وثقناها مخاوف جدية بشأن ارتكاب جرائم حرب وغيرها من الجرائم الوحشية الأخرى.

أدعو إلى احترام القرارات الملزمة الصادرة عن مجلس الأمن ومحكمة العدل الدولية.

كما يجب إنهاء الاحتلال وتحقيق المساءلة والمحاسبة، ويجب أن يصبح حل الدولتين المتفق عليه دوليًا حقيقة واقعة.

أعرب عن قلقي البالغ حيال الوضع المتأزّم بين لبنان وإسرائيل. فقد سبق وأفادت التقارير بمقتل 401 شخص في لبنان، بمن فيهم مسعفون وصحفيون. كما نزح أكثر من 90,000 شخص في لبنان، وأكثر من 60,000 شخص في إسرائيل مع سقوط 25 قتيلاً إسرائيليًا. ودُمرت آلاف المباني. أكرر دعوتي إلى وقف الأعمال العدائية، كما أحثّ الجهات الفاعلة ذات النفوذ على اتخاذ جميع التدابير الممكنة لتجنب اندلاع حرب واسعة النطاق.

لا تزال الأوضاع في أوكرانيا في تدهور مستمرّ. فقد أدى الهجوم البري الأخير الذي شنته القوات المسلحة الروسية على منطقة خاركيف الأوكرانية إلى تدمير مجتمعات محلية بأكملها. فاختبأ السكان، والكثير منهم من كبار السن، في الأقبية، من دون كهرباء ولا ماء ومن دون ما يكفي من الطعام، حيث تعرضت المنطقة لهجمات مكثفة بالأسلحة المتفجرة ذات التأثير الواسع النطاق.

كما دمّرت موجات متكررة من الهجمات الواسعة النطاق التي استهدفت البنية التحتية للطاقة، 68 في المائة من قدرة إنتاج الكهرباء في أوكرانيا، ما أدى إلى وصول النظام إلى شفير انهيار حرج، لا سيّما قبل حلول فصل الشتاء.

وأعرض آخر المستجدات في هذا الصدد في 9 تموز/ يوليو.

سيدي الرئيس،

يُدَمِّر طرفان متحاربان وجماعات تابعة لهما السودان أمام أَعيننا. فقد أذكيا التوترات بين الأعراق، ومنعا وصول المساعدات الإنسانية، واعتقلا المدافعين عن حقوق الإنسان، وتجاهلا حقوق شعبهما بشكل خطير. وأضع كلا الجنرالين أمام مسؤوليتهما عن ارتكاب جرائم حرب محتملة وغيرها من الجرائم الوحشية الأخرى، بما في ذلك العنف الجنسي والاعتداءات بدوافع عرقية. إنهما مسؤولان في نهاية المطاف عن تأثير أفعالهما على المدنيين، بما في ذلك النزوح الجماعي والمجاعة الوشيكة والكارثة الإنسانية المتفاقمة.

ومن الضروري للغاية أن تؤدي جهود الوساطة الجارية، بما في ذلك الجهود التي يبذلها الاتحاد الأفريقي، إلى إنهاء هذا النزاع. كما تحتاج المبادرات المدنية القائمة الرامية إلى التأثير على عملية انتقالية مستقبلية، إلى الدعم. ويجب أن تبقى هذه العمليات شاملة، بغية معالجة أسباب النزاع المتجذرة في الإقصاء والتمييز.

خلال الزيارة التي قمتُ بها إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية في نيسان/ أبريل، لمست المعاناة الهائلة للمدنيين في الشرق، بمن فيهم أولئك الذين يعيشون في مخيمات النازحين داخليًا مع استمرار الهجمات التي تشنها الجماعات المسلحة، ومنها حركة 23 مارس وتحالف القوى الديمقراطية وتحالف الديمقراطيين الكونغوليين، على سبيل المثال لا الحصر. يجب وضع حدّ فورّي للعنف. ويجب أن تركّز جهود الحكومة والجهات الفاعلة الإقليمية والدولية على إحلال السلام والأمن والثقة. ويجب أن يتوقّف خطاب الكراهية والرسائل التي تستهدف الأشخاص على أساس انتمائهم العرقي، ويجب تقديم الجناة إلى العدالة. فالمساءلة أمر أساسي. كما يجب أن يتحمل القطاع الخاص، بما في ذلك الشركات التي تستخرج الموارد، مسؤولياته.

وفي حين يبرز انخفاض في حدة الأعمال العدائية في الجمهورية العربية السورية مقارنة مع السنوات الماضية، إلا أنه لا نهاية واضحة للنزاع تلوح في الأفق، في موازاة استمرار عمليات قتل المدنيين، وتدمير الأعيان المدنية، وتفشّي العنف الجنسي والعنف الجنساني، والاعتقالات التعسفية وترهيب المتظاهرين السلميين. كما تستمر حالات الوفيات أثناء الاحتجاز، لا سيما في المناطق الخاضعة لسيطرة القوات الموالية للحكومة. ولا يزال العائدون السوريون يواجهون مخاطر شتّى، منها الاعتقال التعسفي والاحتجاز والابتزاز، سواء في المناطق الخاضعة لسيطرة القوات الموالية للحكومة، أم في المناطق التي تسيطر عليها الجماعات المسلحة غير التابعة للدولة.

وفي البلدان التي شهدت تغيرات غير دستورية في السلطة، ومنها مثلًا بوركينا فاسو التي زرتها هذا العام، ومالي والنيجر، نرى أن العمليات الانتقالية تطول إلى ما لا نهاية، في غياب تام لعمليات الحوار الوطني المجدية، وفي ظلّ تزايد القيود المفروضة على الحيز المدني لقمع المعارضة. لا يمكن المضي قدمًا إلا من خلال الشمولية. وفي حالة النيجر، من خلال إيجاد حل يحترم أيضًا حقوق الرئيس بازوم وعائلته.

يتحمل المدنيون العبء الأكبر في القتال ضد الجماعات المسلحة غير الحكومية. ولن يؤدي النهج العسكري وحده إلى نتائج مستدامة. كما يجب استعادة العقد الاجتماعي بين السلطات الانتقالية والشعب على وجه السرعة.

وجنوب السودان بلد أنهكه العنف بين الطوائف وعمليات القتل الانتقامية، والاعتداءات الواسعة النطاق على المدنيين، وعمليات الإعدام خارج نطاق القضاء، والعنف الجنسي المرتبط بالنزاع، وسوء إدارة الموارد، وانعدام الأمن الغذائي، والنزوح على نطاق واسع، بما في ذلك بسبب العوامل البيئية. وتتفاقم كل هذه التحديات في سياق هش يسبق الانتخابات. وأحثّ الحكومة على منح الأولوية للمساءلة والتصدي للعنف المحلي وتعزيز حماية المدنيين والتحقيق في جميع الانتهاكات المزعومة وتقديم الجناة إلى العدالة.

تشكّل هايتي مثالًا دقيقًا على الترابط المتزايد بين أوجه عدم المساواة المترسخة والعنف. فقد ساهمت عقود من الإقصاء والحكم السيّء والضعيف والاتجار بالأسلحة في تفشي عنف العصابات والوضع المأساوي الذي يواجهنا اليوم. وقد استهدفت العصابات المراكز الصحية والمدارس ومؤسسات الدولة والبنية التحتية الاستراتيجية. أدعو إلى نشر بعثة الدعم الأمني المتعددة الجنسيات في هايتي على الفور، مع ضمانات لمراعاة حقوق الإنسان، بغية دعم الشرطة الوطنية وتحقيق الأمن للشعب الهايتي.

لن أتناول الوضع في ميانمار في كلمتي هذه بل أتناوله بالتفصيل في وقت لاحق من هذا الصباح.

سيدي الرئيس،

نحن بحاجة ماسة إلى إيجاد طريق العودة إلى السلام، بما يتماشى مع ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي.

وحتى نهاية أيار/ مايو 2024، بلغت الفجوة بين متطلبات تمويل العمل الإنساني والموارد المتاحة 40.8 مليار دولار أميركي. ويتم تمويل النداءات بمعدل 16.1 في المائة فقط.

قارنوا ذلك مع 2.5 تريليون دولار أميركي تقريبًا من الإنفاق العسكري العالمي في العام 2023، الذي سجّل ارتفاعًا قدره 6.8 في المائة بالقيمة الحقيقية عن العام 2022. وكانت هذه أكبر زيادة على أساس سنوي نشهدها منذ العام 2009.

للحرب ثمن باهظ بالإضافة إلى تسببها في معاناة إنسانية لا تُحتمل.

سيدي الرئيس،

لا يمكن إنكار الأثر البعيد المدى للحروب والنزاعات على البيئة.

انطلاقًا من إحراق الأراضي مرورًا بالتلوث الكيميائي للهواء والماء والتربة وتدمير البنية التحتية المدنية، وصولًا إلى خطر وقوع كارثة نووية حتّى.

كلّ ذلك في موازاة بعض أكبر التحديات التي تواجه البشرية اليوم، من تغير المناخ وفقدان التنوع البيولوجي والتلوث.

ومع كل يوم يمرّ، تُغلق في وجه البشرية نافذة الفرص المتاحة.

فقد ألحقت ظاهرتا النينيا والنينيو أضرارًا جسيمة بالعديد من البلدان، بما في ذلك في أميركا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي. كما يتأثر 61 مليون شخص في الجنوب الأفريقي بالجفاف الناجم عن ظاهرة النينيو والطقس القاسي الذي تفاقم بسبب تغير المناخ. وقد أعلنت ملاوي وزامبيا وزيمبابوي وزيمبابوي حالة كوارث، ومن المرجح أن يتبعها المزيد من البلدان. أكرّر تحذيرات مجتمع العمل الإنساني من أزمة تلوح في الأفق في مواجهة فشل وشيك في الحصاد.

وكما هي الحال في معظم الأزمات، تؤثّر حالة الطوارئ المناخية بشكل غير متناسب على فقراء العالم والأكثر تهميشًا. فالبلدان والمجتمعات التي ساهمت بأقل قدر في توليد الأزمة، تعاني من آثارها أكثر من غيرها، لا سيما في الدول الجزرية الصغيرة النامية وأقل البلدان نموًا والبلدان النامية غير الساحلية.

غالبًا ما تصطدم الكوارث المناخية بالتحديات القائمة أصلًا، مثل انعدام الأمن الغذائي والتمييز الهيكلي، إلى جانب محدودية الموارد بسبب مستويات الديون التي لا يمكن تحملها، ونقص الحيز المالي للإنفاق العام، والعوائق التي تحول دون الحصول على تمويل ميسر.

لقد سبق وانعكس تغير المناخ آثارًا سلبية هائلة على التمتع بحقوق الإنسان. ويجب أن نبقى على أهب استعداد لمواجهته. فمن خلال دمج حقوق الإنسان في التحليل البيئي والنمذجة البيئية، يمكننا أن نتوقع أنواع المشاكل التي ستبرز، وأن نسترشد بها في عملية صنع القرار وأن نخفّف من أسوأ آثارها.

إن السعي إلى المساءلة عن الأضرار البيئية، بما في ذلك من خلال الاستخدام المناسب للقانون الجنائي، يساهم في تحقيق الحق في بيئة نظيفة وصحية ومستدامة على أرض الواقع.

سيدي الرئيس،

نتحدّث عن حقوق الإنسان كأفضل أداة للإنذار المبكر والوقاية. لكن ماذا يعني ذلك في الواقع؟

إنه يعني أنّه علينا أن نأخذ الدوافع والأسباب الجذرية الكامنة وراء التوترات والعنف والنزاع على محمل الجد.

وأوجه عدم المساواة الراسخة. وعدم الحصول على الحقوق الأساسية، ومنها الغذاء والماء والسكن والتعليم والعمل اللائق والبيئة النظيفة والصحية والمستدامة. والتمييز المنهجي. والحوكمة المعيبة وقمع أصوات المعارضة.

وعلى الصعيد العالمي، شهدت عدم المساواة أكبر تفاقم سجّلته على مدار ثلاثة عقود، حيث تلقّت البلدان الفقيرة ضربة اقتصادية أكبر بسبب جائحة كوفيد-19 مقارنة مع البلدان الغنية.

فوفقًا لمنظمة أكسفام، زادت ثروة أغنى خمسة من أصحاب المليارات في العالم بأكثر من الضعف منذ بداية هذا العقد، فيما ازداد 60 في المائة من البشرية فقرًا.

وأصبح 4.8 مليار شخص أفقر مما كانوا عليه في العام 2019.

ماذا عن الفجوة في الثروة بين الرجال والنساء على المستوى العالمي؟ لقد بلغت 100 تريليون دولار أميركي.

نحن بعيدون كل البعد عن وعد خطّة العام 2030 بالوصول أوّلًا إلى من هم أبعد ما يكون عن الركب.

يعيش نصف البشرية، أي ما يعادل 3.3 مليار شخص، في بلدان حكوماتها تنفق على خدمة ديونها أكثر مما تستثمر في التعليم والصحة.

وفي حين أن وضع الاقتصاد الكلي في سري لانكا قد تحسن، إلا أن آثار الأزمة الاقتصادية إلى جانب تدابير التقشف المرتبطة بها تؤثر على الفئات الأشدّ فقرًا والمهمشة أصلاً أكثر من غيرها. فبين العامَيْن 2021 و2023، تضاعف معدل الفقر من 13.1 إلى 25.9 في المائة، ومن المتوقع أن يبقى عند هذه المستويات خلال السنوات القليلة المقبلة.

خلال زيارتي الأخيرة إلى جمهورية لاو الديمقراطية الشعبية، تمّ إطلاعي على التأثير البارز لخدمة الديون على الإنفاق العام على الخدمات الاجتماعية، بما في ذلك على البنية التحتية الاجتماعية وبرامج الحماية الاجتماعية والصحة والتعليم. وخلال زيارتي إلى كل من لاوس وماليزيا، رحبتُ بتحسّن الانخراط مع مفوضيتنا ومع آليات الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، وأنا أتّطلع إلى البناء على ذلك.

أما في الأرجنتين فتهدّد التدابير المقترحة والمعتمدة مؤخرًا بتقويض حماية حقوق الإنسان. وتشمل هذه التدابير التخفيضات في الإنفاق العام التي تؤثر بشكل خاص على الفئات الأكثر تهميشًا، والإعلان عن إغلاق مؤسسات الدولة المعنية بحقوق المرأة والوصول إلى العدالة، وتعليمات من وزارة الخارجية بتعليق المشاركة في جميع الفعاليات المنعقدة في الخارج والمتعلقة بخطة العام 2030. أحثّ السلطات على ترسيخ حقوق الإنسان في صميم عملية صنع السياسات، من أجل بناء مجتمع أكثر تماسكًا وشمولاً. وهذا يعني أيضًا احترام الحق في التجمع السلمي وحرية التعبير احترامًا كاملًا.

سيدي الرئيس،

يعزّز الاقتصاد القائم على حقوق الإنسان العدالة الاجتماعية.

وتكافؤ الفرص والمشاركة الهادفة والاستثمار في الخدمات الأساسية.

ويساهم في بناء الثقة في المؤسسات العامة ويدعم العقد الاجتماعي.

أمّا على الصعيد العالمي فنحن بحاجة إلى مواءمة أنظمتنا الاقتصادية، انطلاقًا من المعاهدات التجارية مرورًا باتفاقيات الاستثمار وتنظيم الأعمال التجارية وصولًا إلى أطر التنمية، مع حقوق الإنسان، بما في ذلك الحق في التنمية. ويترتب على ذلك أيضًا عواقب على إصلاح الهيكل المالي الدولي.

ويجري حاليًا تنفيذ بعض المبادرات الواعدة، مثل مبادرة بريدجتاون، والاتفاقية الإطارية الجديدة المقترحة بشأن التعاون الضريبي الدولي، والحد الأدنى العالمي للضريبة العالمية على الشركات المتعددة الجنسيات بنسبة 15 في المائة، والحد الأدنى العالمي للضريبة على الثروة بنسبة 2 في المائة على أصحاب المليارات، الذي اقترحته البرازيل بصفتها الرئيس الحالي لمجموعة العشرين. وبإمكان هذا التدبير الأخير وحده أن يدرّ 300 مليار دولار أميركي سنويًا تقريبًا لمكافحة تغير المناخ وعدم المساواة والفقر.

آمل أن تشكّل هذه المبادرات حافزًا إضافيًا لإحداث التحول الحقيقي المطلوب، من خلال التعاون معًا، بغية ترسيخ حقوق الإنسان في صميم عملية صنع القرار الاقتصادي.

سيدي الرئيس،

تديم العنصرية النظمية المُمارسَة ضدّ السكان المنحدرين من أصل أفريقي أنظمة وهياكل متجذرة في إرث الاستعمار والاستعباد.

وهي تتجلى بطرق عديدة. من حيث عدم المساواة الاجتماعية والاقتصادية. وفي الطريقة التي تتفاعل فيها وكالات إنفاذ القانون ونظام العدالة الجنائية مع السكان المنحدرين من أصل أفريقي بطريقة تمييزية.

ومن الجلّي أنّه لا بدّ من بذل المزيد من الجهود في هذا المجال، كما يتّضح من التقارير الأخيرة.

فبينما تتخذ بلدان مثل البرازيل وكولومبيا والولايات المتحدة الأميركية مثلًا خطوات بارزة من أجل معالجة التمييز العنصري، لا تزال المشاكل قائمة. ولا يزال التنميط العنصري، وارتفاع معدلات البطالة، والتمثيل المفرط والمعاملة التفاضلية في الاحتجاز، وتصاعد حالات الاستخدام المفرط للقوة المميتة من قبل وكالات إنفاذ القانون، والمعدلات غير المتناسبة لوفيات الأمهات، والتفاوت في الصحة والسكن، وانعدام الأمن الغذائي، مستمر في هذه البلدان وفي العديد من البلدان الأخرى حول العالم.

وفي بلدان الاتحاد الأوروبي، ذكرت وكالة الحقوق الأساسية التابعة للاتحاد الأوروبي أنّ التمييز والمضايقات والعنف والتنميط العنصري لا يزال من السمات الروتينية لحياة السود في بلدان الاتحاد الأوروبي.

وتقدّم "الخطة لإحداث تغيير تحويلي من أجل العدالة والمساواة العرقيتين" وتوصيات آليات الأمم المتحدة، بما في ذلك الآلية الدولية للخبراء المستقلين المعنية بالنهوض بالعدالة والمساواة العرقيتين في سياق إنفاذ القانون، استجابة شاملة للمشاكل النظمية. وبصفتي منسق العقد الدولي للسكان المنحدرين من أصل أفريقي، أؤيد الدعوات التي أطلقتها عدة دول وغيرها من الجهات الأخرى لإعلان عقد دولي ثانٍ خاص بالسكان المنحدرين من أصل أفريقي ينطلق في العام 2025.

ويجب أن يسترشد هذا العقد الدولي الثاني بتجارب المنحدرين من أصل أفريقي الحية ومعارفهم وخبراتهم، بغية عكس اتجاه ثقافة الإنكار، وتفكيك العنصرية النظمية في جميع مجالات الحياة، وتحقيق العدالة التعويضية عن أخطاء الماضي.

أحثّ الدول أيضًا على الاستفادة من توصيات المنتدى الدائم المعني بالسكان المنحدرين من أصل أفريقي، وآليات الأمم المتحدة الأخرى المعنية بمكافحة العنصرية، في سياق هذه العملية.

سيدي الرئيس،

ومن المؤسف أن عمليات الانتقاص من حقوق النساء والفتيات لا تزال مستمرة.

وتُعد المقاومة النشطة للمساواة بين الجنسين عاملاً أساسيًا في إبطاء التقدم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، لا بل في عكس المكاسب التي تحققت بشقّ الأنفس.

وبحلول العام 2030، من المتوقع أن تمثل النساء غالبية الأشد فقرًا من بين من هم في سن 15 سنة وما فوق، وهي فجوة في مجال الفقر بين الجنسَيْن تزداد توسّعًا.

أشجب الاستمرار في اضطهاد النساء والفتيات النظمي في أفغانستان، لا سيما في ما يتعلق بحقوقهن في التعليم والعمل وحرية التنقل. وعلى نطاق أوسع، لا يزال المدافعون عن حقوق الإنسان والعاملون في مجال الإعلام يتعرضون للاعتقال والاحتجاز التعسفي بسبب تعبيرهم عن آراء يُنظر إليها على أنها تنتقد سلطات الأمر الواقع. ويستمر استخدام العقوبة الجسدية، بما في ذلك الجلد الجماعي، في انتهاك للقانون الدولي. وتتواصل الاعتداءات التي تشنها الجماعات المسلحة على المدنيين، لا سيما تلك التي تستهدف مجتمع الهزارة.

ما زلنا نتلقّى من جمهورية إيران الإسلامية، تقارير عن حملات القمع العنيفة، بما في ذلك الاعتقالات الواسعة النطاق، ضد النساء والفتيات لعدم ارتدائهن الحجاب كما هو مأمور به، حيث يتم تنفيذ تدابير جديدة لفرض قانون الحجاب. ويهدد مشروع قانون "دعم الأسرة من خلال تعزيز ثقافة العفة والحجاب" بفرض المزيد من الإجراءات التقييدية والعقابية على النساء والفتيات. وقبل الانتخابات الرئاسية، أحثّ بشكل عام على احترام الحق في حرية التعبير والتجمع وحماية الصحفيين. كما أكرّر دعوتي إلى وقف العمل بعقوبة الإعدام فورًا، نظرًا إلى ما ورد عن ارتفاع عدد عمليات الإعدام منذ بداية العام.

وفي حين أنني لم أذكر سوى بعض الأمثلة القليلة البارزة، دعوني أقولها بالفم الملآن، هناك المزيد من الأمثلة الأخرى المماثلة.

ما مِن بلد محصن ضد الانتكاسات في حقوق المرأة. وعلى الجميع أن يبقوا يقظين وثابتين في مواجهتها.

وبنفس التصميم، تحدّي الخطابات الضارة، وتبني الشمولية واحترام حقوق الجميع وكرامتهم في كل مكان.

أحذّر من جديد من مخاطر معاداة السامية والتعصب الأعمى ضد المسلمين، والخطاب المثير للانقسام والتضليل الذي يصور المهاجرين واللاجئين ككبش فداء لتحديات أوسع نطاقًا يشهدها المجتمع، بما في ذلك القضايا الاجتماعية والاقتصادية. وقد أصبح هذا الأمر مألوفًا بشكل خاص بين الشعبويين واليمين المتطرف في الحملات الانتخابية في أوروبا وأميركا الشمالية وأماكن أخرى حول العالم.

لا بدّ من بذل المزيد من الجهود لوقف التمييز والإقصاء المستمرين على أساس الميل الجنسي والهوية الجنسانية.

إنّ أي شكل من أشكال خطاب الكراهية غير مقبول ويهدّد التماسك الاجتماعي وينذر بما هو أسوأ في المستقبل.

سيدي الرئيس،

تتواصل الاعتداءات على المدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين وغيرهم ممن يسعون إلى تسليط الضوء على الانتهاكات والتجاوزات، تمامًا كما القيود المفروضة على الحيّز المدني. يجب أن نقوم بما هو أفضل بعد من أجل حمايتهم.

فوفقًا لبيانات اليونسكو، قُتل 72 صحفيًا وعاملاً في مجال الإعلام في العام 2023، ومعظمهم سقطوا في سياق نزاعات.

تُظهر البيانات التي جمعتها مفوضيّتنا أنّ ما لا يقل عن 42 مدافعًا عن حقوق الإنسان من السكان الأصليين قُتلوا في العام 2023 في 11 بلدًا، معظمهم بسبب دفاعهم عن البيئة وأراضيهم وأقاليمهم ومواردهم. ومن شبه المؤكد أن عدد القتلى الحقيقي أعلى من ذلك بعد.

في غواتيمالا، أرحب بالجهود التي تبذلها الحكومة لإنشاء آليات جديدة لتعزيز حماية المدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين وقادة السكان الأصليين وموظّفي قطاع العدالة، حيث لا يزالون يتعرضون للاعتداءات بسبب دفاعهم عن حقوق الإنسان وتنديدهم بالفساد ودعوتهم إلى المساءلة.

أما في اليمن فأعرب عن قلقي البالغ حيال سلامة 13 موظفًا وطنيًا من موظفي الأمم المتحدة، اعتقلتهم سلطات الأمر الواقع بشكل تعسفي منذ 6 حزيران/ يونيو، إلى جانب عشرات الموظفين الآخرين العاملين في منظمات غير حكومية وطنية ودولية وفي منظّمات المجتمع المدني. ولم يتمكّن ستّة منهم وهم من موظّفي مفوضيّتنا الوطنيين، بمن فيهم امرأة واحدة، من الاتّصال بأسرهم، كما لم تتمكن الأمم المتحدة من الوصول إليهم. هذا بالإضافة إلى اثنين من موظفي اليونسكو واثنين آخرين من موظفي مفوضيّتنا، المحتجزين تعسفًا منذ فترة طويلة. على سلطات الأمر الواقع أن تفرج عنهم فورًا ومن دون قيد أو شرط، كما يجب أن تتوقف المضايقات التي تتعرض لها أسرهم. وأدعو جميع الدول ذات النفوذ إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لإنهاء هذا الوضع.

لا تزال الأوضاع في بيلاروس مقلقة للغاية. ولا تزال مفوضيّتنا تتلقى تقارير عن القيود المفروضة على حرية التجمع وتكوين الجمعيات وحرية التعبير، واستمرار الإفلات من العقاب. ولا يزال أكثر من 1,300 شخص مسجونين بتهم غامضة دوافعها سياسية.

أحثّ السلطات في أذربيجان على استعراض جميع حالات الصحفيين والنشطاء وغيرهم من الأفراد المحرومين من حريتهم تعسفًا، بما يتماشى مع القانون الدولي لحقوق الإنسان، وضمان حمايتهم من سوء المعاملة. ويجب الإفراج فورًا عن جميع المحتجزين تعسفًا.

ومن الاتجاهات الأخرى المثيرة للقلق في ما يتعلق بالحيز المدني، درس إمكانية اعتماد ما يُعرَف بقوانين "الشفافية" و"النفوذ الأجنبي" أو اعتمادها حتّى في أكثر من 50 دولة، بما في ذلك في كيان جمهورية صربسكا في البوسنة والهرسك، وفي جورجيا والهند وقيرغيزستان والاتحاد الروسي وسلوفاكيا وتركيا. وقد تحمل هذه القوانين آثارًا خطيرة على عمل المجتمع المدني وحرية التعبير وتكوين الجمعيات.

في الأشهر الأخيرة في بيرو، تقدم الكونغرس بسلسلة من المبادرات التشريعية التي قد تقوّض استقلال القضاء والانتخابات، وتعكس مكاسب هامة في مجال العدالة الانتقالية ومشاركة المرأة في الحياة السياسية وتقيّد حرية تكوين الجمعيات وحرية التعبير.

وفي المكسيك، أدعو السلطات إلى ضمان المساءلة عن أعمال العنف والقتل التي وقعت خلال الفترة الانتخابية، بما في ذلك أعمال العنف والقتل التي استهدفت عددًا من السياسيين.

لقد واصلتُ الانخراط مع الصين بشأن مجموعة من قضايا حقوق الإنسان، بما في ذلك الشواغل الخطيرة التي حددتها مفوضيّنا في منطقة شينغيانغ. وقامت مفوضيّتنا مؤخرًا بزيارة بيجين بغية مناقشة جملة أمور من بينها الأحكام المثيرة للجدل والمشاكل في قوانين مكافحة الإرهاب والقوانين الجنائية الصينية، وكذلك تطبيق قوانين الأمن الوطني في منطقة هونغ كونغ الإدارية الخاصة. وتواصل مفوضيّتنا إثارة القضايا الفردية المقلقة، وأشجب الأحكام القاسية التي صدرت الأسبوع الماضي بحق ناشطة في مجال حقوق المرأة وناشط في مجال حقوق العمال بسبب ممارستهما حقوق الإنسان الأساسية. وأحثّ السلطات على إطلاق سراح جميع المحتجزين تعسفًا وضمان حصول أفراد أسرهم على المعلومات المطلوبة والشروع في إصلاح قانوني. وأشيد بحوار السلطات مع مفوضيّتنا وآمل أن يساهم ذلك في تحقيق تحسينات ملموسة على مستوى كامل حقوق الإنسان.

في منطقة جنوب شرق آسيا، يبرز تدريجيًا نمط من القمع العابر للحدود، حيث يتعرض المدافعون عن حقوق الإنسان الذين يلتمسون اللجوء في البلدان المجاورة للتسليم والإعادة القسرية أو الاختفاء والقتل حتّى. وتشير دلائل أخرى إلى أنّ هذا الاتجاه قد يمسي اتجاهًا عالميًا، لذا أحث جميع الدول على عدم التسامح إطلاقًا مع مثل هذه الأعمال وضمان مساءلة قوات الأمن التابعة لها مساءلة كاملة عنها.

سيدي الرئيس،

أود أيضًا أن أطلعكم على بعض التطورات التي يمكن البناء عليها وقد تبعث فينا الأمل.

أولا، أظهر احتفالنا العام الماضي بالذكرى السنوية الـ75 لاعتماد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان قوة التزامنا بعالمية حقوق الإنسان وعدم قابليتها للتجزئة.

فقد تمّ الالتزام بـ800 تعهّد للنهوض بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وبالحق في التنمية والحق في بيئة نظيفة وصحية ومستدامة، وبالحقوق المدنية والسياسية

وقد تم بالفعل تنفيذ العديد منها.

فعلى سبيل المثال، بلغ عدد التصديقات على المعاهدات 29 تصديقًا من قبل 20 دولة، حيث وفت كازاخستان وجنوب أفريقيا وتايلند بالتعهّدات التي التزمت بها في سياق مبادرة حقوق الإنسان 75. وأرحب بصورة عامة بعمليّة تصديق بوتان وكوت ديفوار وجمهورية الكونغو وجنوب السودان وتوفالو الأخيرة على معاهدات حقوق الإنسان.

وأدارت المغرب وباراغواي والبرتغال عملية إطلاق الشبكة الدولية للآليات الوطنية المعنية بالتنفيذ والإبلاغ والمتابعة في أيار/ مايو، التي تشكلّ تعهدها المشترك ضمن أطار مبادرة حقوق الإنسان 75.

كما قدّم عدد من البلدان مشاريع قوانين جديدة أو قام بإصلاح القوانين الشاملة لمكافحة التمييز، بما يتماشى مع التعهد الذي التزمت بها في سياق مبادرة حقوق الإنسان 75.

نرحّب أيضًا باعتماد تشريعات ضد العنف الجنساني في دومينيكا وسانت لوسيا.

ثانيًا، ما زلنا نشهد تعبئة بارزة من الناس حول العالم من أجل المطالبة بالتغيير اللازم لدعم حقوق الإنسان والمساواة والعدالة، على الصعيد الوطني والإقليمي والعالمي.

وتشمل هذه الخطوات العديد من الشباب، وأشخاصًا يواجهون مخاطر شخصية واسعة النطاق والعديد من العوائق.

وتوفّر حقوق الإنسان الأرضية الصلبة التي يمكن أن تقف عليها هذه الحركات.

ثالثًا، تواصل أنظمة حقوق الإنسان الدولية والإقليمية، على الرغم من القيود الكبرى المفروضة، تقديم الخدمات إلى الناس.

لقد كانت الهيئات المنشأة بموجب معاهدات حقوق الإنسان رائدة في العديد من القضايا، لا سيما في مجال البيئة في الآونة الأخيرة.

ويعزز عملُ المحاكم والهيئات القضائية الإقليمية والدولية عملَها هذا، على غرار الحكم الذي صدر مؤخرًا عن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بأنّ الدول ملزمة بالتقاضي في مجال حقوق الإنسان من أجل توفير الحماية من مخاطر تغير المناخ المتزايدة.

ومن الأمثلة الأخرى الرأي الاستشاري الصادر عن المحكمة الدولية لقانون البحار بشأن تغير المناخ.

فقد خلصت المحكمة إلى أنّ انبعاثات غازات الدفيئة البشرية المَنشأ تشكل تلوثًا بحريًا، وأنّه على الدول التزام ملزم بالحد من ارتفاع درجة الحرارة بما لا يزيد عن 1.5 درجة مئوية.

كما أصدرت محكمة البلدان الأمريكية لحقوق الإنسان في آذار/ مارس 2024 حكمًا حمّل إحدى الدول مسؤولية انتهاك الحق في بيئة صحية وعدم الحماية من الأضرار التي تلحق بالبيئة بسبب الأعمال التجارية.

كما أشارت هذه المحاكم إلى مساهمات المكلفين بولايات في إطار الإجراءات الخاصة، ما يدل على أهمية النظام.

وتبرز أيضًا طلبات معلّقة لاستقاء آراء استشارية تتعلق بتغير المناخ من محكمة العدل الدولية ومحكمة البلدان الأمريكية لحقوق الإنسان.

وتعطي هذه الجهود الزخم المطلوب، ما يدل على أنّه عندما تعزّز مختلف أجزاء النظام الإقليمي والعالمي بعضها البعض، يصبح التغيير ممكنًا.

فالإصلاحات في القانون والممارسة التي تنبثق من عمل هذه الآليات قد لا تتصدر العناوين الرئيسية دائمًا، لكنّها حاسمة في رسم طريق واضح للمضي قدمًا.

رابعًا، أرحّب بالتزام العديد من البلدان بالنهوض بأجندة حقوق الإنسان: تلك البلدان التي تواصلت مع مفوضيّتنا طالبة الدعم التقني، على الرغم من الرياح الجيوسياسية المعاكسة.

فعلى سبيل المثال، أقدّر انفتاح إكوادور على تعزيز وجود المفوضية في البلاد، وانفتاح هندوراس على العمل مع المفوضية لمواجهة التحديات النظمية التي تتراوح بين مبادرات العدالة الانتقالية وحماية الأراضي والبيئة.

كما أقدر الالتزام بإنشاء مكتب إقليمي لمفوضيّة الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان للجماعة الكاريبية ومكتب قطري في موزمبيق.

سيدي الرئيس،

أود أن أشير في الختام إلى أحد الشواغل الشاملة. إذ نشهد اعتداءات لفظية عدوانية وتهديدات وردود فعل انتقامية متصاعدة وحملات شرسة على وسائل التواصل الاجتماعي ضد المؤسسات والآليات الدولية، بما في ذلك الأمم المتحدة بشكل عام، ومفوضيّتنا السامية والمكلفين بولايات في إطار الإجراءات الخاصة ومحكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية.

وهذا الواقع غير مقبول إطلاقًا. فقد تم إنشاء هذه المؤسسات وتفويضها من قبل الدول على وجه التحديد للقيام بعملها الحيوي، وعلى الدول تسهيل هذا العمل وحمايته من التدخلات والاعتداءات غير المبررة.

وأود أن يفكر كل واحد منا بجدية في كيفية عدم تقويض إنجازات النظام المتعدد الأطراف، وضمان قدرتنا على القيام بعملنا.

لقد اجتمعت الدول في هذه القاعة بالذات في كانون الأول/ ديسمبر الماضي، مدركةً تمامًا التحديات الكثيرة، وأنّ حقوق الإنسان هي سبيل إلى الحلول.

ومع التركيز اليوم على الميثاق من أجل المستقبل، أحثّ جميع الدول على ضمان أن تُترجِم نتائج القمّة، التزامنا المشترك بحقوق الإنسان بشكل حازم وملموس.

إنّ نظام حقوق الإنسان القوي والفعال هو مفتاح التعاون الفعال المتعدد الأطراف، والسبيل إلى بناء مستقبل أفضل للناس والكوكب.

ومفوضيتنا على أهبّ استعداد لأداء دورها.

العودة