البيانات المفوضية السامية لحقوق الإنسان
المفوّضة السامية تؤكّد على أنّ المخاطر التي تهدّد حقوق الإنسان في ازدياد مستمرّ تمامًا كما هي حال الحلول المتوفّرة
24 شباط/فبراير 2020
حضرة الأمين العام المحترم،
حضرة رئيس الجمعية العامة المحترم،
حضرة رئيسة مجلس حقوق الإنسان،
أصحاب المعالي والسعادة،
أيّها الزملاء والأصدقاء الأعزّاء،
نودّ أن نرحّب بالأمين العام وأن نشكره على إطلاقه دعوة إلى العمل، من شأنها أن تعيد من جديد تأكيدنا جميعنا على والتزامنا بجدول أعمال مشترك للحماية والوقاية يغطّي جميع حقوق الإنسان.
وكما ذكر الأمين العام، يستدعي الكثير من الأحداث العالمية انتباه دورة المجلس الرفيعة المستوى هذه. فبعضها من حالات الطوارئ التي تتطلّب اتّخاذ إجراءات سريعة وحاسمة. وبعضها الآخر، مثل أزمة المناخ، من القضايا الطويلة الأجل التي تتطلّب اتّخاذ تدابير حاسمة أيضًا لحل التحديات القائمة، على أن تستمرّ مع مرور الوقت.
قد تتزايد المخاطر التي تهدّد حقوق الإنسان والتنمية والسلام، ولكنّ حلولًا عملية وقابلة للتنفيذ تستند إلى معايير سليمة لحقوق الإنسان تبرز في موازاتها.
فالاتفاقات المتعدّدة الأطراف المبرمة في السنوات الأخيرة تأتي بالعديد من هذه الحلول، منها خطة العام 2030، والاتفاق العالمي بشأن الهجرة، واتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ وغيرها من الأدوات الأخرى. كما تنبع حلول أخرى من القانون الدولي لحقوق الإنسان وتوصيات هذا المجلس المحدّدة الهدف بشأن حقوق الإنسان، ومن إجراءاته الخاصة، والاستعراض الدوري الشامل، وهيئات المعاهدات، ومفوضيّتنا.
كما يجب أن يُنظر إلى الشباب المبتكر والمبدع كجزء من الحل للأزمات التي نواجهها. وينتقد اليوم كثيرون أوجه عدم المساواة، ويدعون إلى مزيد من الحوكمة المستجيبة، وإلى تحسين تكافؤ الفرص واحترام حقوق الإنسان.
وفي هذا السياق، نود أن نلفت انتباهكم إلى بيان أدلى به طبيب الأطفال صاحب البصيرة ومخترع لقاح شلل الأطفال جوناس سالك.
فقال: "مسؤوليتنا الكبرى هي أن نكون أسلافًا صالحين."
وكي نكون أسلافًا صالحين، علينا أن نعدّ لشبابنا وللأجيال المقبلة عالمًا يمكنه أن يغذي حياة كريمة ملؤها الحرية والسلام.
أصحاب السعادة،
يتطلّب المشهد السياسي المضطرب اليوم أدوات سياسية قابلة للاستعمال ومتجذّرة في الخبرة، وسجلّها حافل بالإنجازات.
هذه الأدوات متوفّرة.
لقد أثبتت التدابير التي تعزّز الوصول إلى التعليم والرعاية الصحية والحماية الاجتماعية الشاملة والحياة كريمة تأثيرها على تحسين المنفعة الاجتماعية والاقتصادية والفردية.
ويمكن مشاركة الناس الواسعة النطاق، بمن فيهم الشباب، والمؤسسات التي تتسم بالشفافية والمساءلة، أن تؤدي إلى تعزيز التناغم الاجتماعي والاستدامة الاقتصادية والابتكار.
وللقوانين والسياسات التي تدعم المساواة تأثير إيجابي فوري وطويل الأمد على الهياكل السياسية والاجتماعية والاقتصادية. فمن أجل إنهاء عدم المساواة والفقر، وتعزيز الاستقرار الاجتماعي، نحتاج إلى وضع حدّ للتمييز الذي يعيق الكثير من الناس.
إن مفوضيّتنا ملتزمة بالعمل مع الدول والأمم المتّحدة والشركاء الإقليميين والمجتمع المدني لتحقيق تقدّم أسرع نحو الاندماج الاجتماعي وأهداف التنمية المستدامة. فهذه الأهداف القابلة للتحقيق تفيد البلدان والمجتمعات كافة.
كما نحسّن تعاوننا التقني بهدف مساعدة الحكومات على توفير وصول أكبر وأكثر إنصافًا إلى الخدمات الأساسية، فيما نعزّز مساعدتنا العملية لمواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية. ونواصل أيضًا العمل مع مؤسسات تمويل الأعمال والتنمية من أجل مزيد من المساءلة أمام المجتمعات حيث تعمل، ومع النقابات من أجل تعزيز حقوق العمال.
إن اتّخاذ قرارات أكثر استنارة، وتحقيق قدر أكبر من العدالة وقدر أكبر من التنمية المستدامة، وإرساء علاقات أكثر سلمية، ضمن الأمم وفيما بينها، من أهداف أعمال الرصد والمساعدة والمناصرة التي تضطلع بها مفوضيتنا، بالتعاون مع المجتمع المدني وشركائنا في الأمم المتحدة.
سيّدتي الرئيسة،
عندما اشتعلت النيران في مناطق مختلفة من أستراليا خلال الأشهر الماضية، شهدنا ظاهرة مرعبة، هي تشكّل عاصفة نارية.
فعندما تتقاطع حرائق متعدّدة صغير، تصل حرارتها إلى درجة عالية جدًّا بحيث تسحب الهواء المحيط بها إلى الداخل وإلى الأعلى. فتغذّي هذه الرياح القوية النيران وتولّد جدرانًا من اللهاب يزيد ارتفاعها عن 200 متر. كما أنها تولّد البرق، الذي يؤدّي بدوره إلى مزيد من النيران تساهم في اندلاع الحرائق، حتى يصبح من المستحيل على البشر التغلب عليها.
دعونا ألا نسلّم شبابنا وأطفالهم عاصفة نارية لا يمكن السيطرة عليها، تغذّيها أزمات حقوق الإنسان المتقاطعة والمتفاقمة.
تقدم أجندة حقوق الإنسان إرشادات لحل المظالم والصراعات، وتحسين الحياة، وتحقيق قدر أكبر من العدالة ومن السلام، وتنمية أكثر استدامة.
نطلب منكم أن تسخّروا هذه الحلول وقوة العمل التعاوني، كي نضمن عالمًا أكثر إنصافًا واستدامة لنا جميعنا ولشبابنا اليوم والغد.
شكرًا سيّدتي الرئيسة.