تصميم حلول تحويلية لإدماج الإعاقة
أخبرت كيلي كات-ويلز قائلة: "فقدتُ عملي بسبب التمييز ضدّ الأشخاص ذوي الإعاقة."
انتقلَتْ كات-ويلز، وهي بريطانية الجنسية، إلى لوس أنجلوس في الولايات المتحدة، بهدف استكشاف فرص العمل في صناعة الترفيه. فعُرض عليها عمل. ولكنّها فقدته عندما كشفت عن عاهتها.
وبما أنّها كانت قد انتقلت لتوها إلى الولايات المتحدة، لم تكن تعلم وقتذاك أنه بإمكانها رفع دعوى تمييز ضد صاحب عملها السابق بموجب قانون الولايات المتّحدة الأميركية لذوي الإعاقة. بالإضافة إلى ذلك، لم تكن ترغب في المخاطرة بوضعها كمهاجرة وخشيت أن يتمّ إدراجها في القائمة السوداء لهوليوود.
متسلّحة بكلّ شجاعة ممكنة، قامت كات-ويلز بتأسيس شركة سي تالنت، وهي شركة لإدارة المواهب والاستشارات تمثل منشئي المحتوى عبر الإنترنت والفنانين والمتخصصين في صناعة الترفيه الرفيعي المستوى من ذوي الإعاقة.
ولا تكتفي الشركة بالترويج لاستخدام عملائها في أدوار مختلفة فحسب، بل تدعو أيضًا إلى تعيين مسؤولين معنيين بالإعاقة يضمنوا الوصول إلى أماكن العمل المختلفة. كما أنها تساعد الشركات على تحقيق ما هو أبعد من الامتثال القانوني. وسي تالنت عضو مؤسس في حركة #WeThe15 بالشراكة مع مفوضيّة الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان ومنظمات أخرى، وهي حملة تهدف إلى تعزيز إدماج الأشخاص ذوي الإعاقة وتحسين وصولهم إلى الخدمات.
وقد وصفت لجنة الأمم المتحدة المعنية بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، في تعليقها العام رقم 8، ’التمييز لمصلحة القادرين بدنيًا‘ على أنه "منظومة قيم تعتبر بعض الخصائص النموذجية للجسد والذهن أمرًا أساسيًا ليعيش المرء حياة ذات قيمة. واستنادًا إلى معايير صارمة للمظهر والأداء والسلوك، تعتبر طرقُ التفكير المتسمة بالتمييز لمصلحة القادرين بدنيًا تجربة الإعاقة محنة تؤدي إلى المعاناة والحرمان وعلى الدوام إلى تدني قيمة الحياة البشرية"، ما يؤثر سلبًا على الفرص المتاحة أمام الكثير من الأشخاص ذوي الإعاقة للحصول على فرص عمل مجدية.
وتبيّن أنّ مناصرة كات-ويلز لإدماج الأشخاص ذوي الإعاقة وتمثيلهم في الصناعات الإبداعية، تشكّل طريقة مبتكرة لإحداث تغيير من زوايا مختلفة والتخلص من الصور النمطية التي ترافق الأشخاص ذوي الإعاقة.
وأوضحت كات-ويلز قائلة: "أريد أن أشهد خطابات جديدة، وأنا متحمسة جدًّا لوجود المزيد من المؤلّفين والمبدعين ذوي الإعاقة الذين أصبحوا اليوم خلف الكاميرات، يطبّقون هذا التغيير بنشاط لأنه لا يمكننا كتابة قصص عن نوع واحد من التجارب الحية"، مضيفة أنّها ترغب أيضًا في إدماج ما تسميه الإعاقة الشاملة، أي العاهات الخفية، لا الإعاقات الجسدية فحسب.
وتابعت قائلة: "لم أرَ يومًا تجربتي تنعكس على الشاشة. ولو رأيت هذا التمثيل قبل إجراء عمليتي الجراحية، من المحتمل أن أكون شخصًا مختلفًا تمامًا اليوم. فالتمثيل قوي للغاية، ويغيّر نظرتكم للآخرين بكلّ ما للكلمة من معنى."
من التطلعات إلى الحماية القانونية
منذ 75 سنة تقريبًا، صاغ ممثلون من خلفيات قانونية وثقافية مختلفة من جميع أنحاء العالم الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الذي نصّ على مجموعة من حقوق عالمية غير قابلة للتجزئة وغير قابلة للتصرف، تعترف بالمساواة في الكرامة وبقيمة كلّ إنسان.
تلك كانت المرة الأولى التي يتفق فيها المجتمع الدولي على مجموعة من القيم المشتركة ويقر بأن الحقوق متأصّلة في كل إنسان وليست الدولة من يمنحها.
وتشدّد المادة 2 من الإعلان على أنّه "لكلِّ إنسان حقُّ التمتُّع بجميع الحقوق والحرِّيات المذكورة في هذا الإعلان، دونما تمييز من أيِّ نوع، ولا سيما التمييز بسبب العنصر، أو اللون، أو الجنس، أو اللغة، أو الدِّين، أو الرأي سياسيًّا وغير سياسي، أو الأصل الوطني أو الاجتماعي، أو الثروة، أو المولد، أو أيِّ وضع آخر." ولطالما تم الاستشهاد بالكلمات الأخيرة لهذه المادة، "أو أي وضع آخر"، بهدف توسيع قائمة الأشخاص المحميين على وجه التحديد.
وأوضحت كات-ويلز قائلة: "توفّر لنا قيمنا المشتركة [المنصوص عليها في الإعلان] السبيل نحو الإنصاف. وفي العالم حيث أعيش، يبرز حديث دائم عن البيانات ودراسات الجدوى الخاصة بالإعاقة، ما يحسّن حقنا في المشاركة بفضل هذه البيانات. ولكن ما تفعله هذه الوثيقة في الوقع هو أنها تؤكّد أنّ الأمر لا يعود إلى البيانات ولا إلى دراسات الجدوى، بل إلى القلوب والناس والإنسانية. وهنا يمكن التغيير الحقيقي."
وقد سمح حظر التمييز المنصوص عليه في تلك المادة بإطلاق معاهدات وإعلانات واتفاقيات أخرى توضح حقوق الإنسان للمجموعات المحمية المحدّدة في الإعلان. ومنها مجموعة الأشخاص ذوي الإعاقة، وقد تمت صياغة اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة بمشاركتهم، ثمّ اعتُمِدَت لاحقًا في العام 2006.
وشدّد كات-ويلز قائلة: "أود أن أرى الإعاقة مدرجة بشكل أكثر وضوحًا في المادة 2 لأننا في الكثير من الأحيان نُعتَبَر مختلفين أو غير مشمولين بتعريف التنوع أو لا يتم تصنيفنا حتّى. فالتعبير يقتصر على مصطلح ’آخر‘."
وعلى الرغم من أن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان يعزز الشعور بالإنسانية المشتركة بما يتجاوز الفروق الفردية، إلا أنه بعد مرور 75 عامًا تقريبًا، لا يزال الأشخاص ذوو الإعاقة يواجهون التمييز والحواجز التي تعيق مشاركتهم في المجتمع على قدم المساواة مع الآخرين كل يوم.
وغالبًا ما يُحرمون من حقوقهم، بما في ذلك حقّهم في الالتحاق بالنظام التعليمي العام وبمكان العمل، وحقّهم في العيش بشكل مستقل في المجتمع، وحقّهم في التصويت، والمشاركة في الأنشطة الرياضية والثقافية. كما يُحرمون في الكثير من الأحيان من الحصول على الحماية الاجتماعية أو الوصول إلى العدالة، أو اختيار العلاج الطبي أو الدخول في التزامات قانونية بحرية. وتهدف اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة إلى تغيير هذا الواقع.
ويتطلب الإدماج الكامل للأشخاص ذوي الإعاقة، من جميع الأعمار، ضمان أنظمة الدعم والرعاية اللازمة للعيش بشكل مستقل في مجتمعاتهم المحلية. كما أنها ضرورية لإشراك الأشخاص ذوي الإعاقة بطريقة كاملة وهادفة في المجتمع وتمتّعهم بخيارات متساوية وحياة كريمة، وبالاستقلالية والاعتماد على الذات على النحو الذي تعترف به الاتفاقية.
وتظهر الأدلة من منظمة العمل الدولية أن الاستثمار في أنظمة الدعم والرعاية يعود بفوائد طويلة الأجل على الاقتصاد والمجتمع، بما في ذلك النمو الاقتصادي المرتبط باستحداث فرص العمل.
حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة كحركة للعدالة الاجتماعية
تأمل كات-ويلز، في سياق أدائها دورها لتغيير وجهات النظر وتعزيز التمثيل في الصناعات الإبداعية، في أن تخلق الحكومات والأعمال التجارية المزيد من البيئات حيث يتلقى الأشخاص ذوو الإعاقة الدعم الذي يحتاجون إليه.
وهي تدعو قائلة: "استخدموا الأشخاص ذوي الإعاقة وموّلوهم وسلّموهم مناصب القيادة وتعلّموا من خبراتهم وتجاربهم. ولكن أيضًا قوموا بأبحاثكم الشخصية بشأن الإعاقة وتعلموا من العمل الذي تم إنجازه ضمن إطار الحركة من أجل العدالة لذوي الإعاقة."
بالإشارة إلى عمل مجموعة العدالة لذوي الإعاقة، وصفت كات-ويلز العدالة لذوي الإعاقة بأنها "حركة عدالة اجتماعية تركز على درس الإعاقة والتمييز ضدّ الأشخاص ذوي الإعاقة من حيث ارتباطهما بأشكال أخرى من الاضطهاد والهويات مثل العرق والطبقة والجنس."
وأوضحت قائلة: "من أجل خلق عالم شامل حقًا، نحتاج إلى الاعتراف بأن الإعاقة تتداخل مع قضايا العدالة الاجتماعية والعدالة العرقية والعدالة الاقتصادية والعدالة بين الجنسين، وتتخطاها حتّى، ولا يمكن أن تتواجد من دونها."
وفي 10 كانون الأوّل/ ديسمبر 2023 يحتفل العالم بالذكرى السنوية الـ75 لاعتماد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. وقد ألهمت هذه الوثيقة الأساسية العديد من النضالات الرامية إلى توفير حماية أقوى لحقوق الإنسان، كما ساهمت في تعزيز الاعتراف بها.
إلاّ أنّ التقدم لا يعني أن الكفاح من أجل الحقوق والمساواة سينتهي يومًا. فنظرًا إلى التحديات العديدة المتفشية وردود الفعل العنيفة على المستوى العالمي التي تهدّد حقوق الإنسان، أصبح الإعلان العالمي الذي يدعو الجميع إلى الدفاع عن حقوق الإنسان، أكثر أهمية اليوم من أي وقت مضى.
وفي 2 كانون الأوّل/ ديسمبر 2022، عشية الاحتفال باليوم العالمي لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، أصبحت كيلي كات- يلز واحدة من الفائزين بجائزة قمة الناشطين الشباب في جنيف بسويسرا، التي ركزت هذا العام على الاندماج والتضامن. ففي كل سنة منذ العام 2019، تحتفي القمة بالشباب الذين حققوا نتائج باهرة في النهوض بالاستدامة وحقوق الإنسان.
إخلاء مسؤولية: إنّ الآراء والمعلومات الواردة في هذه المقالة هي آراء الأشخاص المذكورين ولا تعكس بالضرورة سياسة مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان أو موقفها الرسمي.