Skip to main content

البيانات والخطابات المفوضية السامية لحقوق الإنسان

تورك يطلع الجمعية العامة للأمم المتحدة على ولاية المؤسسة المستقلة المعنية بالمفقودين في سوريا

25 نيسان/أبريل 2024

أدلى/ت به

مفوّض الأمم المتّحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك

في

الجمعية العامة للأمم المتّحدة

حضرة رئيس الجمعية العامة،
أصحاب السعادة،
أيّها المندوبون الأعزّاء،

ثلاثة عشر عامًا من القتل ومن الاختفاء القسري والاختطاف والتعذيب والتشريد والحرمان. ثلاثة عشر عامًا من الخسائر الفادحة والحزن المفجع. والنزاع في سوريا هو بمثابة جرح مفتوح يروّع الملايين من السوريين، لا سيما الأسر التي تتوق إلى عودة أحبائها المفقودين، وإلى الحصول على إجابات حول ما حدث لهم.

وفي هذا السياق القاتم، شكّل القرار الذي اتّخذته الجمعية العامة للأمم المتحدة العام الماضي، القاضي بإنشاء المؤسسة المستقلة المعنية بالمفقودين في الجمهورية العربية السورية، خطوة تاريخية إلى الأمام.

وهذه المؤسسة مكلّفة بتوضيح مصير جميع المفقودين وأماكن وجودهم، وبالتالي ترتبط ارتباطًا وثيقًا بدعم جميع الضحايا، بمن فيهم الناجون وأفراد أسرهم. وتساهم المؤسسة في التخفيف من معاناة الناس من جميع الأطراف، وتساعدهم على ممارسة الحق في معرفة ما حدث لأحبائهم، لا بل تلبّي هذه الحاجة العميقة في معرفة الحقيقة.

وهذه الشروط أساسية لدعم المصالحة والعدالة والسلام الدائم لجميع أبناء الشعب السوري. وأودّ أن أؤكد النقطة التالية: ستدعم المؤسسة المستقلة جميع الضحايا من دون أي استثناء، وستقوم بالبحث عن المفقودين من جميع الأطراف، بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية وسبب فقدانهم أو تاريخه.

منذ اعتماد القرار 77/301، عيّنت مفوضيتنا فريقًا أساسيًا من الخبراء بهدف تزويد المؤسسة المستقلة بالموظفين، بمن فيهم متخصّصون في مجالات مختلفة، منها المفقودون والشمولية الجنسانية وحقوق الضحايا ومشاركة الضحايا والمجتمع المدني وإدارة المعلومات، فضلًا عن الأدوار الإدارية.

وبعد موافقة الجمعية العامة على الميزانية، وهو ما حدث بالأمس، سينتقل الموظفون إلى مقرّ المؤسسة المستقلة الأولي الكائن في جنيف. ويجري العمل حاليًا على إعداد أوراق إحاطة تغطي العديد من القضايا الأساسية التي تواجه المؤسسة المستقلة، استنادًا إلى الملاحظات التي تمخضت عنها مشاوراتنا المكثفة. ومنها توصيات بشأن تصميم خطط البحث وتنفيذها، وضمان مشاركة الضحايا مشاركة كاملة، والدور القوي للمجتمع المدني، والشمولية الجنسانية الفعالة، ودعم الضحايا والناجين من خلال الإحالات، واتفاقات التعاون وأمن البيانات.

وبعد تسمية رئيس المؤسسة المستقلة وتولّيه مهامه، وهو ما نتوقع إنجازه في الأشهر المقبلة، ينبغي أن يمكّن هذا العمل التحضيري المؤسسة من إطلاق عملياتها الكاملة بسرعة.

سيّدي الرئيس،

يحمل الناجون ندوبًا لا تُمّحى. فبعد إطلاق سراحهم من الاحتجاز، رفضت المجتمعات المحلية العديد منهم، لا سيّما النساء، ما خلق شعورًا بالغربة العميقة. ويكافح عدد آخر منهم، بما في ذلك الأشخاص الذين يعيشون اليوم خارج سوريا، للعثور على الأمان والاستقرار. ومن الضروري للغاية أن نضمن وصول الناس من المواقع الجغرافية المختلفة إلى المؤسسة المستقلة.

فقد عانت الأسر من جميع الأطراف من هذه الحرب الرهيبة، بسبب عدم معرفة ما إذا كان أقاربها على قيد الحياة أم لا، وهو عدم يقين يشكل صدمة عميقة وعائقًا يقوّض جوانب الحياة اليومية الأساسية.

العديد من المفقودين من الرجال، وفي غيابهم تضطر زوجاتهم وأمهاتهم وأخواتهم إلى مواجهة صعوبات جمّة لإعالة الأسرة. وفي سياق من التمييز المتجذر بين الجنسين، غالبًا ما تواجه هؤلاء النساء عوائق قانونية تحول دون حصولهن على حضانة أطفالهن. وقد لا يتمكنّ من الحصول على وثائق تثبت وضعهن الشخصي أو ملكيتهن للممتلكات أو حيازتهنّ لها. وقد يُحرم الأطفال أيضًا من الحصول على وثائق رسمية، ما يقيّد في الواقع وصولهم إلى التعليم والرعاية الصحية. وقد يعني عدم توفّر الوثائق الكافية أن المرأة لا تستطيع السفر مع أطفالها.

بالإضافة إلى ذلك، تعرّضت النساء خلال سنوات طويلة من البحث عن الأحباء عبر قنوات غير رسمية لا بل خطيرة حتّى في الكثير من الأحيان، للتهديد الجسدي والابتزاز والاستغلال والتضليل ولردود فعل انتقامية.

أودّ أن أشيد بسنوات من النشاط النضال الذي قام به آلاف الناجين والأسر ومجموعات المجتمع المدني، بما في ذلك عمل المنظمات النسوية السورية الاستثمائي، الذي أدّى دورًا حاسمًا في دعم الضحايا ومناصرة هذه المؤسسة المستقلة.

سيؤدّي الضحايا والناجون دورًا محوريًا في كل جانب من جوانب هذه المؤسسة. فعملياتُ البحث وأشكال الدعم الأخرى متداخلة بشكل لا ينفصم ضمن ولايتها، وستشكّل الأهدافَ المركزية لعملياتها، بالتنسيق مع الأسر وممثليهم. بالإضافة إلى ذلك، وتماشيًا مع دعوة الجمعية العامة لاعتماد إطار مُنسَّق وفعال للحلول، فإننا نتواصل مع الجهات الفاعلة الأخرى التي تعمل مع الضحايا وأسر المفقودين لالتماس تعاونها.

أكرّر دعوة الجمعية العامة إلى جميع الدول، وإلى جميع الأطراف في النزاع في سوريا، إلى التعاون الكامل مع المؤسسة المستقلة، حتى تتمكن من الوفاء بولايتها التي قد تُحدث تحولًا جذريًا. وعلى وجه التحديد، من الضروري للغاية تبادل المعلومات والبيانات، وتمكين الوصول إلى سوريا والدول الأخرى، وكذلك تيسير عمليات البحث وتحديد الهوية ومساعدة الضحايا ودعمهم. ويتجاوز هذا العمل حدود السياسة. ويمكنه أن يبني الثقة بين السوريين، ما يدخل في صميم مبدأ التضامن الإنساني، ووحدتنا في مواجهة المعاناة.

أشكر الجمعية العامة على مساهماتها القيّمة. ويرد المزيد من التفاصيل بشأن عملنا الرامي إلى تنفيذ توصيات تقرير الأمين العام لعام 2022 بشأن المفقودين في الجمهورية العربية السورية في التقرير الذي صدر في كانون الأول/ ديسمبر 2023 بشأن تنفيذ القرار المتعلّق بإنشاء المؤسسة المستقلة المعنية بالمفقودين في الجمهورية العربية السورية.

شكرًا سيدي الرئيس.

الصفحة متوفرة باللغة: