Skip to main content

البيانات والخطابات المفوضية السامية لحقوق الإنسان

مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك يختتم زيارته الرسمية إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية

18 نيسان/أبريل 2024

نازحون داخليًا في مخيم بولينغو بالقرب من غوما، مقاطعة شمال كيفو، جمهورية الكونغو الديمقراطية © المفوضية السامية لحقوق الإنسان/ أنطوني هيدلي

أدلى/ت به

مفوّض الأمم المتّحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك

في

كينشاسا، جمهورية الكونغو الديمقراطية

مساء الخير، أشكركم على حضوركم.

هذه زيارتي الأولى إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية بصفتي مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، مع العلم أنني زرت هذه البلاد عدة مرات في السابق. أشكر الرئيس على الدعوة التي وجّهها إليّ، وأعرب عن امتناني العميق للتعاون الممتاز مع الحكومة وجميع الشركاء.

إن مساحة هذه الدولة الشاسعة لمذهلة، وهي تساوي مساحة أوروبا الغربية على المستوى الجغرافي. وجمهورية الكونغو الديمقراطية غنية جدًا بقدرة شعبها على المواجهة والصمود وصلابته. كما أنّ مواردها الطبيعية وفيرة.

وبإمكان هذا البلد، بكل بساطة، أن يكون أحد أغنى البلدان في العالم.

لكن، بدلاً من ذلك، هو من بين أفقرها.

إن التحديات في مجال حقوق الإنسان التي تواجه البلاد عديدة ومعقدة. واسمحوا لي أن أركّز على الوضع في المقاطعات الشرقية، حيث السكان منهكون ومصابون بصدمات نفسية عميقة، عقب عقود طويلة من الحروب والنزاعات، دمّرت حياتهم.

ففي شمال كيفو، تواصل حركة 23 مارس المسلحة بثّ الرعب، وقتل السكان المحليين واختطافهم، كما أنّها غالبًا ما تستهدف المدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين وقادة المجتمع المحلي. وتجنّد أيضًا الأطفال قسرًا في صفوفها. ومنذ شهر تشرين الأول/ أكتوبر، نزح 500,000 شخص من المناطق التي تسيطر عليها الحركة، ليبلغ إجمالي عدد النازحين في شمال كيفو 2.7 مليون شخص تقريبًا.

أما في إيتوري، وفي موازاة الاشتباكات بين المجتمعات المحلية، الدائرة بين تحالف الديمقراطيين الكونغوليين والجماعات المسلحة الزائيرية، فقد زاد تحالف القوى الديمقراطية المسلّح من هجماته ضد المدنيين، ما أدى إلى وقوع العديد من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والانتهاكات الخطيرة للقانون الدولي الإنساني. وهناك حتى اليوم 1.8 مليون نازح في المقاطعة تقريبًا.

كما تنتهك قوات الأمن القومي والميليشيات، ومنها الوزاليندو مثلًا، حقوق الإنسان ويجب منعها حتمًا.

وخلال فترة إقامتي، زرت مخيمات النازحين داخليًا في بونيا بمقاطعة إيتوري وفي غوما بمقاطعة كيفو الشمالية. وعلى الرغم من أنّ النزاعات الدائرة في هاتين المقاطعتين مختلفة، إلا أن النتيجة متشابهة بشكل مأساوي. فقد وصف الناس في كلا الموقعين كيف فروا من القتال وهم اليوم في أمس الحاجة إلى المساعدة والدعم. كما أعربوا عن رغبتهم الشديدة في العودة إلى ديارهم. وأخبرني أحد المدافعين عن حقوق الإنسان قائلًا: "لقد سرقَت الحرب كل شيء منا، وسلبتنا مستقبلنا حتّى."

ومن جهة أخرى، تمّ تسجيل ارتفاع ملحوظ في عدد ضحايا العنف الجنسي في المناطق التي تدور فيها الاشتباكات، وكذلك في المخيمات. ففي مخيم بولينغو للنازحين داخليًا في غوما، وصف من تحدثتُ إليهم كيف تعرضت النساء للاعتداء أثناء جلبهن الحطب لإعداد وجبات الطعام، وكيف أُجبرت بعض النساء والفتيات على بيع أنفسهن من أجل البقاء على قيد الحياة.

ومن الضروري للغاية أن تكون الدولة قادرة على أداء دورها كاملاً في المناطق الشرقية، بغية فرض الأمن أوّلاً، لكن أيضًا بغية توفير الخدمات الأساسية مثل التعليم والصحة. كما يجب على الدولة أن توفر سبل انتصاف فعالة، بما في ذلك الوصول إلى العدالة من خلال نظام قضائي عادل وفاعل.

وعلى الدول التي تدعم الجماعات المسلحة أو تؤثّر عليها أن تتحمل مسؤوليتها لضمان وقف القتال. وفي كيفو الشمالية، يجب أن ينتهي أي دور لرواندا في دعم حركة 23 مارس المسلّحة، ويجب التوصّل إلى حلّ على وجه السرعة. وينطبق الأمر نفسه على أي دولة تدعم الجماعات المسلحة الناشطة في جمهورية الكونغو الديمقراطية. 

للشعب الكونغولي بجميع أطيافه الحق في السلام. فبدون السلام لن تتحقّق أي تنمية ولا أي تقدم.

إن أحد الأسباب الجذرية الكامن وراء العديد من هذه النزاعات، استغلال الموارد الطبيعية في جمهورية الكونغو الديمقراطية، الذي يؤدي بدوره إلى إفقار السكان المحليين بدلاً من إفادتهم. وعلى الحكومة والقوى الإقليمية والدولية التزامات في هذا الصدد. كما يقع على عاتق القطاع الخاص، بما في ذلك الشركات التي تستخرج الموارد المختلفة ومنها الكولتان القيّم للغاية على الصعيد العالمي، الكثير من المسؤوليات البالغة الأهمية.

فجميعنا يستخدم الهواتف المحمولة التي أصبحت ممكنة، إلى حد كبير، بفضل موارد جمهورية الكونغو الديمقراطية. ولا يمكن للعالم أبدًا أن يستمر في الاستهلاك على حساب الشعب الكونغولي. وعلى الجميع أن يتساءلوا أين تكمن مسؤولية كلّ منهم.

إن الشاغل المباشر للأشخاص المتضررين من النزاع هو أمنهم. ويجب أن تواصل السلطات الكونغولية والمجتمع الدولي العمل في تعاون وثيق بغية تجنّب غياب الحماية وتعريض المدنيين بالتالي إلى مزيد من المخاطر.

أبدي مخاوفي البالغة حيال ما قد يحدث للمدنيين في حال انسحاب بعثة منظمة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في جمهورية الكونغو الديمقراطية بشكل متسرّع. فالقوات الوطنية والقوات الإقليمية والدولية الأخرى تؤدّي دورًا أساسيًا في هذا الصدد. وخلال اجتماعاتي، حثثتُ بعثة الجماعة الإنمائية للجنوب الأفريقي في جمهورية الكونغو الديمقراطية على وضع وتنفيذ إطار صارم يرمي إلى الامتثال الكامل لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، بهدف منع وقوع المزيد من الخسائر في صفوف المدنيين والحفاظ على الدعم الأساسي وثقة السكان.

كما أن الإفلات من العقاب وغياب المساءلة من الأسباب الجذرية الأخرى لدوّامة العنف التي لا تنتهي. وأقدّر الخطوات التي اتخذتها السلطات مؤخرًا من أجل محاسبة بعض المسؤولين عن انتهاكات وتجاوزات حقوق الإنسان، لكن لا بدّ من بذل المزيد من الجهود في هذا الصدد.

كما يجب معالجة الفساد المستشري في مؤسسات الدولة بفعالية. ويجب تعزيز إقامة العدل. ويجب أن تسفر الخطوات الأولية الإيجابية لتحقيق العدالة الانتقالية بغية معالجة جرائم الماضي وإنصاف الضحايا وتعزيز السلام والتنمية المستدامة في البلاد، عن إجراءات ملموسة ومتّسقة وعملية. ما يستلزم ترسيخ الضحايا والمجتمعات المحلية المتضررة في صميم هذه العملية.

يساورني القلق حيال القرار الأخير الذي اتخذته الحكومة بالعودة إلى العمل بعقوبة الإعدام. إنّ منظّمة الأمم المتحدة واضحة في هذا الشأن: ينبغي إلغاء عقوبة الإعدام في جميع أنحاء العالم.

تبعث حيوية المجتمع المدني الكونغولي في نفسي الأمل. فقد التقيت خلال زيارتي مدافعين عن حقوق الإنسان في المناطق الشرقية وهنا في كينشاسا. وأذهلتني حنكتهم وشجاعتهم والتزامهم بحقوق الإنسان. ويجب حماية أمنهم في جميع الأوقات كما يجب أن ندعم عملهم جميعهم. والحفاظ على مساحة مدنية مفتوحة وقوية وحرة وحمايتها أمر ضروري. ويجب أيضًا حماية حرية التعبير. ويجب احترام دور المدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين والأحزاب السياسية الحيوي والحاسم.

كما حثثتُ الحكومة على مضاعفة الجهود من أجل عدم التسامح إطلاقًا مع التحريض على العنف وخطاب الكراهية.

وفي نهاية المطاف، لا بدّ من توحيد الجهود وتعزيز التماسك الاجتماعي في جمهورية الكونغو الديمقراطية. ويشكّل العقد الاجتماعي المتين بين الشعب والحكومة عنصرًا أساسيًا في دفع البلاد إلى الأمام، وبما يعود بالنفع على الجميع ويحقّق المصلحة العامة.

تعمل مفوضيتنا في جمهورية الكونغو الديمقراطية منذ العام 1996، مع الشعب الكونغولي ومن أجله، بغية حماية حقوق الإنسان والنهوض بها. ويمكنني أن أؤكد لكم أننا ملتزمون تمامًا بمواصلة هذا العمل وبدعم من شركائنا الدوليين والوطنيين.

وشكرًا.

للحصول على المزيد من المعلومات وطلبات وسائل الإعلام، الرجاء الاتّصال:

ليز ثروسيل (التي تُرافق المفوّض السامي في زيارته): +41 22 917 9296 / elizabeth.throssell@un.org

في كينشاسا

أديل لوكوكي: +243 818907706 / lukokiikola@un.org

في جنيف

رافينا شامداساني: +41 22 917 9169 / ravina.shamdasani@un.org
مارتا هورتادو: +41 22 917 9466 / marta.hurtadogomez@un.org

في نيروبي

سيف ماغانغو: + 254 788 343 897 / seif.magango@un.org

الموارد السمعية والبصرية:

أنطوني هيدلي - anthony.headley@un.org

تابعونا وشاركوا أخبارنا على

تويتر: @UNHumanRights
وفيسبوك: unitednationshumanrights
وانستغرام: @unitednationshumanrights

الصفحة متوفرة باللغة: