الحكومات المحلية تتحد للدفاع عن حقوق الإنسان وتشجيعها
09 تموز/يوليو 2019
بناءً على الدور الذي تؤديه كممثلة مباشرة للمجتمع، تحتل الحكومات المحلية موقع الصدارة في حماية وتشجيع حقوق الإنسان الخاصة بالسكان الذين تقدم إليهم خدماتها.
وفي الاجتماع الافتتاحي الذي انعقد في حزيران/يونيو بين مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان وعدد من الحكومات المحلية من مختلف أنحاء العالم، تمَّ مناقشة وتبادل نهج مبتكرة قائمة على الحقوق وأفضل الممارسات في هذا المجال. وجرى تنظيم الحدث بالتعاون مع منظمة المدن المتحدة والحكومات المحلية.
وترأست الاجتماع كايت غيلمور، نائبة مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، وقالت "في زمن تتعرض فيه حقوق الإنسان فعلياً للضغوط، تعتبر المساهمة الحكيمة لعناصر الحوكمة التي هي الأقرب إلى حياة الناس اليومية ضرورية". أضافت "إذا ما أردتم اليوم العثور على قيادة نابضة بالحياة وطموحة وتحويلية لحقوق الإنسان، اعتمدوا التحضر. اعتمدوا العمل محلياً. اعتمدوا العمل عن قرب".
مدن مكتظة سكانياً، بل المزيد من حالات عدم المساواة
يعيش أكثر من نصف سكان العالم في المدن، فيما يفوق عدد سكان العديد من المدن الرئيسية حول العالم حجم العديد من الدول. وتتوقع بيانات صادرة عن الأمم المتحدة أن نحو 70 بالمئة من السكان سيعيشون في المدن بحلول عام 2050.
وفي حين أصبحت المدن أكثر اكتظاظاً بالسكان، فمن دون حقوق الإنسان، ستتفاقم الفوارق الاقتصادية فحسب، ما سيؤدي إلى انتهاكات للحق في الغذاء والحق في السكن والحق في المياه والحق في الصرف الصحي وإلى عدم تكافؤ الوصول إلى خدمات الصحة والتعليم. وتتعرض الحقوق المدنية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية للأشخاص الذين يعيشون حالات ضعف، مثل المسنين والمشردين والمهاجرين والأقليات، للمزيد من التهديد.
ويعيش 1.8 مليار نسمة في حال من التشرد والسكن غير اللائق. وقالت ليلاني فرحة، خبيرة الأمم المتحدة المعنية بالحق في السكن "يشكل السكن القضية الاجتماعية وقضية حقوق الإنسان الأكثر إلحاحاً التي تواجههما المدن". وحثت المدن الحاضرة في الاجتماع على اعتماد استراتيجيات إسكان ملموسة قائمة على الحقوق، وذلك بموجب التزاماتها في ما يتعلق بالقانون الدولي لحقوق الإنسان. وتتضمن هذه الاستراتيجيات اعتماد مواثيق وأنظمة داخلية تعترف بالسكن كحق من حقوق الإنسان؛وفرض وقف العمل بعمليات الإخلاء القسري؛ ومعاملة المشردين كأصحاب حقوق وليس كمستفيدين من الأعمال الخيرية أو كمجرمين؛ وضبط 'أمولة' السكن من خلال الأطر الضريبية والتنظيمية. وقالت "إذا استمرت المدن بالدفاع والاعتراف بالسكن كحق من حقوق الإنسان، وبالتصدي لتفسيرات أخرى للسكن، فإن مدننا ستكون مستدامة ومتنوعة ونابضة بالحياة".
إنفاذ حقوق الإنسانفي الوطن: الدور الحاسم للحكومات المحلية
لقد أصبح بالتالي دور الحكومات الآن في منع الفوارق وعدم المساواة وتشجيع حقوق الإنسان وحمايتها حاسماً أكثر من أي وقت مضى. وتعتبر الإجراءات التي تتخذها مهمة للحفاظ على الحيز المدني وحرية التعبير وضمان الوصول إلى الخدمات الأساسية وتحسين التخطيط المدني. وابتداءً من كاتماندو مروراً ببكين وجيمبروروما وجنيف وبلين كومون ودوالا وأتلانتا وصولاً إلى أريانا وأولان باتور ومونتفيديو، عرض رؤساء البلديات وكبار المسؤولين الرسميين نهجاً مبتكرة في مجال حقوق الإنسان بهدف تحسين حياة سكان المدن، خصوصاً المهمشين منهم.
وفي أوترخت، هولندا وبرشلونة، إسبانيا وفيينا، النمسا، وضعت الحكومات المحلية إجراءات ملموسة لمعالجة حالات عدم التمييز وعدم المساواة والإدماج الاجتماعي الخاصة بالمهاجرين واللاجئين. وقال السيد جوب تيوفيل كوابنانغ، رئيس بلدية دوالا 3، وهي مقاطعة في عاصمة الكاميرون "لقد وضعنا ناخبينا في صلب قراراتنا". لدينا منظمات للأحياء لتحديد احتياجات كل حي. كما نقيم حواراً مستمراً مع منظمات الشباب، وهو أمر حاسم من أجل ضمان أن يكون لكل شخص صوت وهو مسموع".
من جهتها، اعتمدت مدينة مكسيكو دستوراً جديداً للمدينة يشتمل على حقوق الإنسان مع تركيز خاص على عدد من المجموعات ذات الأولوية، خصوصاً النساء والمسنين والأطفال والأشخاص ذوي الإعاقة واللاجئين والمهاجرين والمشردين ومجتمعات المثليات والمثليين ومزدوجي الميل الجنسي ومغايري الهوية الجنسانية وحاملي صفات الجنسين.
وشكلت مدينة غوانغجو، في جمهورية كوريا، 'مدينة رائدة في مجال حقوق الإنسان' بعمل الحكومة المحلية على مدى عقود على إنشاء مؤسسات لحقوق الإنسان وتعيين أمناء مظالم. وأسست أول مكتب لحقوق الإنسان في البلاد، وطورت مؤشرات بهدف تقييم ظروف حقوق الإنسان وتنفيذ السياسات، كما وسعت نطاق التعليم الخاص بحقوق الإنسان. ووصف رئيس البلدية لي يونغ سيوب ميثاق المدينة لحقوق الإنسان، وهو الأول في آسيا، والذي يحدﱢد قيم حقوق الإنسان التي ينبغي على المجتمعات الحضرية اتباعها.
بالرغم من التقدم المحرز، الحكومات المحلية كمدافعين عن حقوق الإنسان عرضة للهجوم
في ظل مناخ يتعرض فيه المدافعون عن حقوق الإنسان للمزيد من الهجوم، ليست الحكومات المحلية التي تحمي حقوق الإنسان بمنأى عن ذلك بدورها. ويعتبر نائب رئيس بلدية باريس، باتريك كلوغمان أنه "بقدر ما يتسع نطاق الديمقراطية المحلية، بقدر ما تصبح تحت وطأة التهديد". ومع مقتل العديد من الممثلين المحليين أو تهديدهم أو تعرضهم للخطر حول العالم، أطلقت مدينة باريس فكرة إنشاء 'مرصد للحكومات المحلية' بهدف رصد الهجمات على ممثلي الحكومات المحلية وحماية حقوقهم الإنسانية والدفاع عنهم على المستوى الدولي.
حوار مستمر
في متابعة لهذه المشاورات الاستهلالية، ستضمن مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان إجراء حوار مستمر مع المشاركين بهدف دعم الحكومات المحلية لحماية حقوق الإنسان وتشجيعها. كما سيتم رفع تقرير من إعداد المفوضية إلى مجلس حقوق الإنسان في دورته المقبلة التي ستعقد في أيلول/سبتمبر 2019. وسيناقش المجلس الطرائق الفعالة لتعزيز التعاون بين الحكومات المحلية وأصحاب العلاقة المحليين، بالإضافة إلى التحديات وأفضل الممارسات.
9 تموز/يوليو 2019