محامٍ سوري يناضل من أجل العدالة وحقوق الإنسان
14 كانون الثاني/يناير 2020
أعلن جلال الحمد قائلًا: "أُجبِرتُ على المغادرة لأنّ أمرًا بالإعدام صدر ضدّي." وجلال محامٍ انضمّ مع العديد من زملائه إلى الثورة ضد الحكومة في العام 2011 وهو لا يزال في الـ25 من عمره، وكانت الحرب في سوريا قد بدأت لتوّها.
في البداية، غادر جلال دمشق التي تخضع لسيطرة الحكومة وانتقل إلى دير الزور، وهي منطقة تقع شمال شرق سوريا وكانت معقل المعارضة وقتذاك. ولكن عندما سيطر داعش على تلك المنطقة، شعر بالخوف على حياته.
فاضطرّ إلى الفرار إلى عنتاب في تركيا المجاورة.
وبعد مرور ثماني سنوات، لا تزال الحرب تمزّق بلد جلال الأم، ويبدو أنّه لا نهاية قريبة لها. فقد قُتل أو جُرح عدد لا يحصى من الرجال والنساء والأطفال، واضطرّ الملايين إلى الفرار. وهم اليوم يكافحون كلاجئين خارج سوريا، أو كنازحين داخلها، أو أنّهم محاصرون ويعيشون في ظروف مزرية في المخيمات وبالكاد يصلون إلى الخدمات الأساسية.
أعلنت مفوّضة الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان ميشيل باشيليت العام الماضي قائلة: "خلال السنوات الأولى من هذا الصراع المميت، عندما كانت الخسائر لا تزال بالعشرات، ثم بالمئات، ثم الآلاف، عبّر العالم عن قلق بالغ حيال ما كان يجري. إلاّ أنّ الغارات الجوية تتسبّب حاليًا بمقتل أعداد كبيرة من المدنيين وبتشويههم عدّة مرّات في الأسبوع، ويبدو أن الردّ يأتي بلامبالاة جماعية."
وفي حين أنّ وهج الحرب في سوريا بدأ يخفت في الأوساط العالمية، يبذل عدد من الأشخاص على غرار جلال، كلّ جهد ممكن على الرغم كلّ ما عاشوه، كي يسلّطوا الضوء على خطورة انتهاكات حقوق الإنسان المستمرة في البلاد.
ويدير جلال اليوم منظمة العدالة من أجل الحياة. وقد تمّ إنشاؤها في العام 2015 وهي تضمّ فرقًا داخل سوريا وخارجها، وتهدف بصورة أساسيّة إلى توثيق انتهاكات حقوق الإنسان، مع التركيز على ما يحدث في منطقة دير الزور. ومن خلال مقابلات أجرتها المنظّمة مع عدد من الضحايا والشهود، وثّقت مئات انتهاكات الحقوق مثل القتل تحت التعذيب، والقتل خارج نطاق القضاء، وتفشّي الأمراض وسوء التغذية بسبب الحصار.
وانبعثت رغبة جلال في فضح الأعمال الوحشية من ضرورة توفير صوت منصف ومتوازن. فأوضح قائلاً: "أردت أن أتصدّى لهذه الانتهاكات بموضوعية وحياد وأن أحمل صوت الضحايا. حاولت أن أجد صوتًا لا يتأثر بأي من الأطراف المتحاربة، ويعبّر عن احتياجات الضحايا ويتميّز بالعدالة."
وتعمل منظمته أيضًا بالتعاون مع هيئات حقوق الإنسان الدولية، بما فيها مجلس حقوق الإنسان، لنشر النتائج التي توصّلت إليها. وقد وقّعت مؤخرًا مذكّرة تفاهم مع الآلية الدولية والمحايدة والمستقلة التي تحققّ في جرائم الحرب في سوريا.
كما عملت المنظّمة بشكل مكثّف مع مفوضيّة الأمم المتّحدة لحقوق الإنسان، على وضع حقوق الإنسان في شمال شرق سوريا. وشاركت منظّمة العدالة من أجل الحياة بفعالية في الفريق المرجعي المعني بحقوق الإنسان، وهو فريق تنسيق غير رسمي يضمّ الأفراد والمنظمات السورية العاملة من تركيا المعنية بالمساعدة الإنسانية وحقوق الإنسان.
كما نقلت حملة أطلقتها مفوضيّة الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان أصوات الضحايا الشباب في دير الزور، التي سبق ووثّقتها منظّمة العدالة من أجل الحياة.
وقال جلال: "لقد أصبحنا بمثابة مركز يجتمع فيه الضحايا. كما صار الناس اليوم أكثر إدراكًا لآليات حقوق الإنسان المتوفّرة. لذا يأتي الرجال والنساء والأطفال إلينا بدون خوف. وشكّل بناء الثقة ضمن المجتمع عامل نجاح أساسيّ لنا، ونأمل أن يساعدنا على تحقيق هدفنا النهائي ألا وهو العدالة."
وقد تزوّج جلال ورُزِق بابن، ولكنّه لا يزال يحلم بالعودة إلى سوريا يومًا.
وهو يحلم ببلد مسالم وبتحقيق عدالة للجميع. ويعتبر أنّ حلمه ليس بمستحيل، فيقول: "نريد أن نعود إلى بلد تعمّه سيادة القانون والمساواة، حيث يتمتّع الجميع بالحقوق والواجبات نفسها، وحيث تُحتَرم جميع مكونات المجتمع. نريد أن نُعمِل حرية التعبير وحرية الدين. على شعب سوريا أن يتّفق على إنهاء الحرب وعلى التحاور وقبول الجميع."
إخلاء مسؤولية: إنّ الآراء والمعلومات الواردة في هذه المقالة هي آراء الأشخاص المذكورين ولا تعكس بالضرورة سياسة مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان أو موقفها الرسمي.
14 كانون الثاني/يناير 2020