حماية حقوق كبار السنّ المحرومين من حريتهم
28 أيلول/سبتمبر 2022
أعلنت الخبيرة المستقلة المعنية بتمتع كبار السن بجميع حقوق الإنسان كلوديا ماهلر قائلة: "يُعتبر التحيز بسبب السن والتمييز على أساس السن كامنَيْن في معظم حالات حرمان كبار السن من الحرية. فالمواقف على أساس السن لا تزال قائمة في جميع أنحاء العالم، ما يؤدي إلى قوانين وسياسات وممارسات تمييزية تعيق حق كبار السن في الحرية الشخصية."
وقد أدلت الخبيرة ببيانها هذا أمام مجلس حقوق الإنسان المنعقد في جنيف في سياق تقديمها تقريرها الأخير الذي تناولت فيه ما يعنيه الحرمان من الحرية لكبار السن وكيف يؤثر على حقوق الإنسان التي يتمتّعون بها. كما حللت في التقرير بعض أسباب حرمان كبار السن من حريتهم، وسلطت الضوء على التحديات والمخاطر المتعلقة بحقوق الإنسان في سياقات محددة، منها العدالة الجنائية والاحتجاز المتصل بالهجرة وأوضاع الرعاية.
وشدّدت ماهلر قائلة: "لا يتساوى جميع كبار السنّ عند مواجهة الحرمان من الحرية كونهم مجموعة غير متجانسة. فغالبًا ما يكون التقدم في السن مقترنًا بعوامل اجتماعية واقتصادية أخرى، مثل الفقر وانخفاض مستويات التعليم الرسمي، ما يعزّز احتمال ارتكاب شخص ما جريمة."
وأشارت الخبيرة أيضًا إلى أنه على الرغم من أن الحق في الحرية الشخصية ليس حقًا مطلقًا بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، فإنه يبقى حقًا أساسيًا من حقوق الإنسان في سن الشيخوخة. وشددت على أن هذا الحرمان من الحرية ينبغي أن يتقيد بمعايير حقوق الإنسان فيكون مبررًا ومتناسبًا ولا ينطوي على أي تمييز وتتيحه الإجراءات القانونية الواجبة.
سياقات حرمان كبار السن من الحرية
أوضحت ماهلر أن كبار السن يمكن اعتبارهم محرومين من حريتهم عندما يكونون محصورين في مكان معين أو يتم إيداعهم في مؤسسات من دون إذن بالمغادرة حسب الرغبة أو ضد رغباتهم أو بدون موافقتهم الحرة والمستنيرة.
وذكّرت الخبيرة الدول بأنه يجب عليها، في سياق العدالة الجنائية، أن تعامل كبار السن بكرامة طوال فترة احتجازهم وأن تأخذ في الاعتبار احتياجاتهم المحددة فيما يتعلق بسنهم وصحتهم ووضع إعاقتهم.
وأضافت ماهلر أن الاحتجاز المتصل بالهجرة يجب أن يكون الملاذ الأخير، مشددةً على أنه "لا يجوز تطبيقه إلا لغرض مشروع. وعدم توفير الدول لرعاية ومساعدة خاصتين لكبار السن المحتجزين في هذا السياق قد يجعل احتجازهم غير قانوني."
بالإضافة إلى ذلك، شددت الخبيرة على أنه، في سياق الرعاية، ينبغي للدول أن تتخذ التدابير المناسبة لحماية حرية كبار السن، بما في ذلك في المرافق الصحية ودور الرعاية الخاصة.
فقالت: "ورغم أنه لا ينبغي اعتبار الشيخوخة سببًا للحد من الحقوق، فإن الاعتماد على الذات والاستقلالية اللذين يتمتع بهما كبار السن في وقت مبكر من حياتهم كثيرًا ما يحرمون منهما في سنّ الشيخوخة. وبناءً عليه، يجب أيضًا فهم حق كبار السن في الحرية الشخصية في سياق حقهم في الاعتماد على الذات والاستقلال."
سبل توفير حماية أكبر لكبار السنّ المحرومين من حريتهم
أعربت ماهلر عن أسفها لندرة البيانات المتعلقة بكبار السن المحرومين من حريتهم، وعدم توفّر قوانين وسياسات لتنفيذ آليات تقيّم أوضاعهم، كما حذرت من أن التجارب الحياتية لكبار السن المحرومين من حريتهم ستبقى مجهولة.
فشرحت قائلة: "بالنظر إلى عدم وجود صك دولي شامل لحقوق الإنسان بشأن كبار السن ، فإن الأطر القانونية والسياساتية الوطنية تفشل في تلبية الاحتياجات المحددة لكبار السن بشكل فعال. ويجب أن تحترم القوانين، ولا سيما "قوانين الصحة العقلية" أو "قوانين الحماية" التي تنطبق على أوضاع الرعاية، مثل ترتيبات رعاية كبار السن الذين يعيشون في منازلهم أو مع أسرهم أو داخل مجتمعاتهم المحلية، اعتماد كبار السن على ذاتهم واستقلاليتهم."
وحددت الخبيرة حلولاً بديلة لحرمان كبار السن من الحرية، بما في ذلك وفي سياق العدالة الجنائية، الإقامة الجبرية أو الإفراج المشروط المبكر على أساس سنهم ومدة خدمتهم ووضعهم الصحية.
وفي أماكن الرعاية، نصحت ماهلر بوضع ترتيبات للرعاية بتوفير وسائل مالية كافية تسمح لكبار السن في العيش في مكان الإقامة الذي يختارونه. فقالت: "بينما يفضل العديد من كبار السن رعاية الأسرة، ينبغي تقديم خدمات دعم موازية مناسبة وعالية الجودة وبأسعار معقولة لأفراد الأسرة ومقدمي الرعاية غير الرسميين بهدف تفادي أي حرمان من الحرية."
وأوصت الخبيرة برصد أماكن الحرمان من الحرية بشكل مستقل وضمان وصول كبار السن إلى العدالة في حال انتهاك حقوق الإنسان التي يتمتّعون بها.
وشدّدت ماهلر قائلة: "يقع على عاتق الدول التزام ليس فقط بمنع انتهاكات حقوق الإنسان في المؤسسات التي تديرها الدولة والمعاقبة عليها، بل يقع على عاتقها أيضًا التزام باتخاذ جميع التدابير اللازمة لحماية كبار السن من انتهاك جهات فاعلة من غير الدول لهذه الحقوق. ويجب عليها أيضًا التحقيق في جميع الادعاءات المتعلقة بانتهاكات حقوق كبار السن، ولا سيما الحق في الحياة، بطرق منها الاحتجاز التعسفي والتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة. وينبغي أن تكون التحقيقات فعالة وسريعة وشاملة ونزيهة.