Skip to main content

"نحن رؤساء الدول والحكومات...ملتزمون بجعل
الحق في التنمية حقيقة واقعة لكل إنسان وبتخليص
البشرية قاطبة من الفقر"
إعلان الأمم المتحدة بشأن الألفية


الذكرى الثلاثون لإعلان الحق في التنمية


منذ ثلاثين عاماً، فتح إعلان الحق في التنمية آفاقاً جديدة في الكفاح العالمي من أجل أن يُكفل للإنسان مزيد من الكرامة والحرية والمساواة والعدل.

ودعا الإعلان إلى تمكين كل فرد من أفراد المجتمع من المشاركة التامة والحرة في صنع القرارات الجوهرية. وطالب الإعلان بتحقيق تكافؤ الفرص والتوزيع المنصف للموارد الاقتصادية، بما في ذلك من أجل من يجري تقليدياً تهنيشهم وحرمانهم من الإمكانات واستبعادهم من التنمية، مثل النساء والأقليات والشعوب الأصلية والمهاجرين والمسنين والأشخاص ذوي الإعاقة والفقراء، ومن أجل البلدان على جميع مستويات التنمية، بما فيها أشد البلدان تأخراً في هذا الصدد. وطالب الإعلان بتحسين إدارة الإطار الاقتصادي الدولي. وأعاد الإعلان تعريف التنمية بأنها أعمق وأوسع نطاقاً وأكثر تعقيداً إلى حد بعيد من محور تركيز العقود السابقة الضيق المنصب على النمو والربح.

وهدف التنمية هو تحسين رفاه كل فرد من أفراد المجتمع. الناس ليسوا كيفية التنمية – ليسوا مجرد أدوات يمكن استغلالها لتحقيق مزيد من الثراء لنخب محدودة. إنهم الدافع إلى التنمية. والتنمية الحقيقية تستأصل وتعالج أسباب الفقر – الانتهاكات المتعددة لحقوق الإنسان، التي جردت الناس من السلطة والسيطرة على الموارد ومن وجود صوت لهم في حكومتهم واقتصادهم ومجتمعهم، وحرمت الناس من المشاركة على قدم المساواة في الحوكمة العالمية. والتنمية الحقيقية تحقق المزيد من العدالة الاجتماعية، وليس المزيد من الاستغلال؛ وتقلل أوجه عدم المساواة التي تجرد المهمشين والفقراء من حقوقهم الأساسية.

وهذه الرؤية الحيوية الجديدة للتنمية، باعتبارها عملية اقتصادية واجتماعية وسياسية شاملة – متضمنة أكثر الفئات ضعفاً وتهميشاً، ومتجذرة في إعمال المجموعة الكاملة من حقوق الإنسان – أحدثت تأثيراً هاماً على الساحة الدولية. واليوم، إذ نحيي الذكرى السنوية الثلاثين لإعلان الحق في التنمية، نحتفل أيضاً بصدور خطة التنمية المستدامة لعام 2030 – وهي إطار ذو إمكانات تحويلية ينطوي على الإلتزام بأن يحقق، لجميع شعوب العالم، الأهداف الخاصة بالحق في التنمية.

وتشيد خطة عام 2030 صراحة بأسسها المتجذرة في الحق في التنمية. ولب هذه الخطة هو الكفاح للقضاء على التمييز، ولا سيما مع التزاماتها القوية والتفصيلية بإنهاء تهميش واستبعاد النساء والفتيات، وحكمتها الملهمة الخاصة بعدم التخلي عن أحد.. وتُلزم الخطة كل دولة بضمان أن تتوافر لكل فرد من أفراد المجتمع الفرصة لتنمية مهاراته وللمشاركة في التنمية والاستفادة منها: هذا الوعد، عند تقديمه، سيُغير حياة ملايين الناس.

ومثل إعلان الحق في التنمية، تتناول خطة عام 2000 أيضاً العوائق النُظمية التي تؤذي الفقراء – من هذه العوائق الأطر التجارية المشوهة وضعف السيطرة الدولية على العناصر الفاعلة عبر الوطنية القوية، بما فيها العناصر الموجهة للمضاربة المالية وهروب رأس المال والملاذات الضريبية. وتَعد خطة عام 2030 بتحسين تنظيم الأسواق المالية العالمية وبتعزيز صوت البلدان النامية في المؤسسات الاقتصادية والمالية الدولية. وهي تُلزم جميع الدول بالتعاون في تعزيز التنمية الدولية وتؤيد مبدأ المعاملة الخاصة والتفضيلية للبلدان النامية، وبصفة خاصة أقل البلدان نمواً.

وعلاوة على ذلك، فإن خطة عام 2030 تعترف صراحة بأن السلام والعدالة هدفان إنمائيان. وهي تقر بأن التحرر من الخوف والتحرر من الفاقة لا يمكن تحقيق أي منهما بمعزل عن الآخر. وبالإقرار بأن جميع حقوق الإنسان تعمل معاً، وتحقق معاً تهيئة الأوضاع الأساسية للتنمية والسلام، تتعهد الخطة بالتزامات قوية لتوفير سبل الوصول إلى العدالة للجميع، مع تحقيق وجود مؤسسات فعالة وخاضعة للمساءلة وشاملة للجميع على جميع المستويات وإنهاء الفساد. وهذا ترديد للنداء الحازم الذي وجهه الإعلان ودعا فيه إلى كفالة "الاهتمام على قدم المساواة والمراعاة العاجلة" لإعمال وتعزيز وحماية جميع الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وترديد كذلك للدعوة التي وجهها من أجل نزع السلاح واستخدام الموارد المحرَرَة لأغراض التنمية.

والحق في التنمية سيواصل أداء دور رئيسي بينما نسعى نحن إلى تهيئة بيئة تمكينية لتنفيذ خطة عام 2030 على نحو يتسم بالاتساق والخضوع للمساءلة والإدارة القوية. لماذا؟ لأنها توضح عدداً من الحقائق العميقة والأساسية.

والمجتمعات التي تستبعد فئات من الناس من الفرص والموارد الجوهرية تكبل قدرة دول بأكملها عنلى تنمية كامل إمكاناتها. والمجتمعات الشاملة للجميع والتشاركية تستفيد من مهارات الجميع؛ وعندما تُقَدَم خدمات ملائمة، مثل خدمات الصحة والتعليم والإسكان اللائقة، يجني كل شخص فوائد اقتصلدية وسياسية واجتماعية ضخمة.

وحيثما يُقمَع الناس ويهتاجون وهم يشعرون بالامتعاض، يكون هناك احتمال كبير لحدوث خطر عدم المساواة والتنمية غير المستقرة والعنف والاضطراب وحيثما تستمع الحكومة إلى الناس وتستجيب لهم، سيكون هناك مزيد من العدالة الاجتماعية وستكون هناك هياكل سياسية واجتماعية واقتصادية أكثر قدرة على الصمود والاستدامة.

وحيثما تكون هناك سرية وفساد، يكون هناك غضب وخوف؛ وعندما تكون الحكومة قابلة للمساءلة وشفافة، تكون هناك ثقة وإمكانية تنبؤ، مما يرسي الأساس اللازم لاقتصاد سليم بقدر أكبر ومزدهر على نطاق أوسع، ولتنمية مستدامة، ولمجتمعات تضطلع بتسوية المنازعات بالطرق السلمية.

وحقوق الإنسان ليست كماليات لا يقدر على توفيرها إلا الأغنياء والمجتمعات المسالمة. إنها القوى المحركة للسلام والأمن والثقة والصمود وثقة الجمهور – والتنمية، سواء الاقتصادية أو الاجتماعية أو الشخصية. ووفقاً لما يذكره بوضوح إعلان الحق في التنمية، فإن الجميع، دون تمييز، لهم الحق في نظام اجتماعي ودولي يمكن أن يتحقق فيه إعمال حقوق الإنسان وحرياته.

الصفحة متوفرة باللغة: