لمحة عن الحكم الرشيد
المفوضية السامية لحقوق الإنسان والحكم الرشيد
ما هو الحكم الرشيد؟
يُقصد بالحكم كل عمليات الحكم والمؤسسات والعمليات والممارسات التي يتم من خلالها اتخاذ القرارات بشأن القضايا ذات الاهتمام المشترك وتنظيمها. ويضيف الحكم الرشيد صفة معيارية وتقييمية لعملية الحكم. ومن منظور حقوق الإنسان، إنّ الحكم الرشيد هو أساسًا عملية تقوم بموجبها المؤسسات العامة بتسيير الشؤون العامة وإدارة الموارد العامة وضمان إعمال حقوق الإنسان.
وبالرغم من أنه ما من توافق دولي بشأن تعريف "الحكم الرشيد"، إلا أنه يمكن أن يشمل المواضيع التالية: الاحترام الكامل لحقوق الإنسان، وسيادة القانون، والمشاركة الفعالة، والشراكات المتعددة الجهات الفاعلة، والتعددية السياسية، والعمليات والمؤسسات الشفافة الخاضعة للمساءلة، وقطاع عام يتصف بالكفاءة والفعالية، والشرعية، والوصول إلى المعارف والمعلومات والتعليم، والتمكين السياسي، والمساواة، والاستدامة، والمواقف والقيم التي تعزز المسؤولية والتضامن والتسامح.
وباختصار، يرتبط الحكم الرشيد بالعمليات والنتائج السياسية والمؤسسية الضرورية لتحقيق أهداف التنمية. ويكمن الاختبار الحقيقي للحكم "الرشيد" في مدى وفائه بوعد الالتزام بحقوق الإنسان، أي الحقوق المدنية والثقافية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية. والسؤال الأساسي المطروح في هذا السياق هو التالي: هل تضمن مؤسسات الحكم فعليًا الحق في الصحة وفي السكن اللائق والغذاء الكافي والتعليم الجيد والعدالة المنصفة والأمن الشخصي؟
الخصائص الأساسية للحكم الرشيد
حدَّد مجلس حقوق الإنسان الخصائص الأساسية التالية للحكم الرشيد:
- الشفافية
- المسؤولية
- المساءلة
- المشاركة
- الاستجابة (لاحتياجات الناس)
كيف يرتبط الحكم الرشيد وحقوق الإنسان؟
يعزز الحكم الرشيد وحقوق الإنسان بعضهما البعض. وتطرح معايير حقوق الإنسان مجموعة من القيم التي تسترشد بها الحكومات وغيرها من الجهات الفاعلة السياسية والاجتماعية في أعمالها. كما تقدم مجموعة من معايير الأداء يمكن من خلالها مساءلة هذه الجهات الفاعلة. وإضافة إلى ذلك، تغني مبادئ حقوق الإنسان مضمون جهود الحكم الرشيد، أي أنها قد تسترشد بها عملية وضع الأطر التشريعية والسياسات والبرامج ومخصصات الميزانية وغير ذلك من التدابير.
لكن في المقابل، لا يمكن احترام حقوق الإنسان وحمايتها على نحو مستدام في غياب الحكم الرشيد. ويعتمد إعمال حقوق الإنسان على توفّر بيئة مؤاتية وتمكينية. ويتضمن ذلك الأطر والمؤسسات القانونية الملائمة بالإضافة إلى العمليات السياسية والتنظيمية والإدارية المسؤولة عن الاستجابة لحقوق السكان واحتياجاتهم.
ويمكن تنظيم العلاقة بين الحكم الرشيد وحقوق الإنسان حول أربعة مجالات:
1.المؤسسات الديمقراطية
تُنشئ الإصلاحات التي يفرضها الحكم الرشيد على المؤسسات الديمقراطية، عندما تترسّخ في قيم حقوق الإنسان، سُبلاً تسمح للرأي العام بالمشاركة في وضع السياسات سواء من خلال المؤسسات الرسمية أو المشاورات غير الرسمية. كما تنشئ آليات لإدماج فئات اجتماعية متعددة في عمليات اتخاذ القرارات، لا سيّما على الصعيد المحلي. وقد تشجع كلًّا من المجتمع المدني والمجتمعات المحلية على صياغة مواقفه بشأن قضايا تهمّه والتعبير عنها.
2. تقديم الخدمات العامة
تؤدي الإصلاحات التي يفرضها الحكم الرشيد، في مجال توفير الخدمات الحكومية إلى الناس، إلى النهوض بحقوق الإنسان عندما تحسّن قدرات الدولة على الوفاء بمسؤوليتها في توفير المنافع العامة الأساسية لحماية عدد من حقوق الإنسان، مثل الحق في التعليم والصحة والغذاء. وقد تتضمن مبادرات الإصلاح آليات متعلقة بالمساءلة والشفافية وأدوات السياسة العامة التي تراعي الاعتبارات الثقافية من أجل ضمان توفر الخدمات للجميع وقبولهم لها، وسبلاً لمشاركة الرأي العام في اتخاذ القرارات.
3. سيادة القانون
عندما يتعلق الأمر بسيادة القانون، فإن مبادرات الحكم الرشيد التي تراعي حقوق الإنسان تحقق إصلاح التشريعات وتساعد المؤسسات، ابتداءً من النظم الجزائية وصولاً إلى المحاكم والبرلمانات، بهدف تحسين تنفيذ هذه التشريعات. وقد تتضمن مبادرات الحكم الرشيد الدعوة إلى الإصلاح القانوني ورفع مستوى التوعية العامة بشأن الإطار القانوني الوطني والدولي وبناء القدرات وإصلاح المؤسسات.
4. مكافحة الفساد
فيما يتعلق بمكافحة الفساد، تعتمد جهود الحكم الرشيد على مبادئ مثل المساءلة والشفافية والمشاركة لإعداد تدابير مكافحة الفساد. وقد تتضمن المبادرات إنشاء مؤسسات مثل لجان مكافحة الفساد، وإيجاد آليات لتبادل المعلومات، ورصد استخدام الحكومات للأموال العامة وتنفيذها للسياسات.