"كل مواطن له الحق في أن يدلي برأيه"
15 تشرين الثاني/نوفمبر 2012
الرسالة الموجهة من الجيل الجديد من الشباب في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا واضحة: هم يريدون "علاقة بين الدولة وشعبها مبنية على سيادة القانون واحترام حقوق الإنسان".
وقالت ممثلة رفيعة المستوى من المفوضية السامية لحقوق الإنسان هي السيدة منى ريشماوي، في الكلمة التي ألقتها في مشاورة في القاهرة بشأن تطورات العدالة الانتقالية في المنطقة، "لقد قاسى الناس في المنطقة، على مدى عقود، من حرمانهم من حقوقهم الأساسية. وعانوا من التعذيب، والاحتجاز التعسفي، وقواعد الطوارئ، والحرمان من حرية الكلام وحرية تكوين الجمعيات، وتقلص الحيز السياسي، وتزوير الانتخابات عندما تُجرى وإذا أُجريت".
وقالت ريشماوى للمشاركين من مصر وليبيا وتونس واليمن، ضمن غيرهم، إن "جدار الخوف والصمت قد سقط وإن رغبة الناس في المطالبة بحقوقهم وتصميمهم على ذلك بغض النظر عن التضحيات والآلام الشخصية تُثبتهما الأدلة بصفة يومية".
والحركات المطالبة بالإصلاح والتغيير الديمقراطي، التي بدأت في تونس منذ عامين، ولدت انتفاضات في جميع أنحاء المنطقة.
وقالت ريشماوي إن الانتقال من نظم الحكم التسلطية إلى نظم حكم قائمة على المشاركة والمساءلة والعدالة يتطلب عملية عدالة انتقالية.
وقالت "إن العدالة الانتقالية تستند إلى أربع ركائز ] مترابطة [ متساوية في أهميتها هي الملاحقة، والسعي إلى معرفة الحقيقة، والجبر، والإصلاح المؤسسي".
ووفقاً لما ذكرته ريشماوي، فإن مفهوم ] العدالة الانتقالية [ يتناول أيضاً إقامة حكم فعال مرتكز على المبادئ الديمقراطية التي تقضي بأن لكل مواطن الحق في أن يدلي برأيه مباشرة، أو عن طريق ممثلين يختارهم بحرية، في الاتجاه الذي يسلكه بلده".
ومكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان هو الوكالة الرائدة المعنية بالعدالة الانتقالية في مجتمع الأمم المتحدة، وهو يعمل بالتعاون مع كيانات أخرى، في أكثر من 25 بلداً على النطاق العالمي، في مجالات رسم السياسات، ووضع المعايير والتدريب، وبناء القدرات، والتنسيق.
و العدالة الانتقالية يجوز أن تشتمل على ملاحقات الأفراد، والجبر، والسعي إلى معرفة الحقيقة، والإصلاح المؤسسي، وفحص السجلات للكشف عن التجاوزات والفصل، أو مزيج من هذه العناصر، وكلها مرتبطة بالمحاولات التي يبذلها المجتمع لتفهم تركة من تجاوزات الماضي الواسعة النطاق بغية كفالة المساءلة وإقامة العدالة وتحقيق المصالحة.
وعمليات العدالة الانتقالية جارية في عدة بلدان في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث تساعد في معالجة الانتهاكات الخطيرة التي حدثت في الماضي بما فيها عمليات القتل خارج نطاق القضاء، والتعذيب الواسع النطاق، والاختفاء القسري، والاحتجاز التعسفي.
وأكد المقرر الخاص للأمم المتحدة بابلو دي غريف، في الكلمة التي ألقاها في المشاورة الإقليمية، على أن "العدالة الانتقالية ليست شكلاً متميزاً من أشكال العدالة، ولكنها استراتيجية لتحقيق العدالة في أعقاب وقوع انتهاكات جسيمة".
وقد أسند مجلس حقوق الإنسان إلى دي غريف، في آذار/مارس 2012، منصب المقرر الخاص المعني بتعزيز الحقيقة والعدالة والجبر وضمانات عدم التكرار.
وقال دي غريف "إن التدابير الأربعة المشمولة بالولاية - السعي إلى معرفة الحقيقة، والعدالة، والجبر ، وضمانات عدم التكرار – تتيح طريقاً للمضي قدماً ويمكن أن تساعد في الاعتراف بالضحايا، وتعزيز الثقة والمصالحة، وتدعيم سيادة القانون".
وفي معرض إشارته إلى أن مجال العدالة الانتقالية اكتسى أهمية أكبر كثيراً في الأعوام الأخيرة، قال دي غريف إن المسألة الآن "ليست السؤال عما إذا كان ينبغي تناول الماضي ولكنها بالأحرى السؤال عن كيفية فعل هذا".
وقال دي غريف "إن عدداً متنامياً من البلدان انتقل بنجاح من فترات القمع والانتهاك إلى مستقبل أكثر إشراقاً يتضمن احترام وإعمال معايير حقوق الإنسان وسيادة القانون، وكذلك التنمية".
وقد ناقش المشاركون في المشاورة الإقليمية عدداً من المسائل يتطلب تركيزاً خاصاً في إعداد برامج العدالة الانتقالية: التشاور الوطني والمشاركة الوطنية خلال مراحل التخطيط الأولى وما بعدها؛ والتدابير الخاصة لإتاحة مشاركة المرأة مشاركة مجدية، وإدراج الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وكذلك الحقوق المدنية والسياسية في عمليات العدالة الانتقالية لضمان معالجة أسباب القمع الجذرية.
ونظرت المشاورة أيضاً في إصلاح مؤسسات الأمن الوطني لمنع تكرار الانتهاكات. وقالت ريشماوي "مما لا شك فيه أن الهياكل الرئيسية التي يتعين إصلاحها هي مؤسسات الأمن، الرسمية وغير الرسمية،... لضمان خضوعها للمساءلة حسب الأصول وعدم تصرفها كما لو كانت فوق القانون".
وشددت ريشماوي على أن مسألة العفو العام ركيزة أساسية لنهج الأمم المتحدة المتعلق بالعدالة الانتقالية وقالت: "العفو العام غير مقبول إذا كان من شأنه أن يؤدي إلى عدم ملاحقة أفراد مسؤولين جنائياً عن إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب وانتهاكات جسيمة أخرى لحقوق الإنسان".
وكانت المشاورة مبادرة مشتركة لمكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي ومقرر الأمم المتحدة المعني بتعزيز الحقيقة والعدالة والجبر وضمانات عدم التكرار، بابلو دي غريف، وشاركت فيها هيئة الأمم المتحدة للمرأة.
15 تشرين الثاني/نوفمبر 2012
الصفحة متوفرة باللغة: