التحرر من الخوف والفاقة، ضرورة ملحة في مجال التنمية المستدامة
11 تموز/يوليو 2013
أدى إعلان الألفية، الذي شكل التزاماً من قادة العالم السياسيين بتحقيق التنمية العالمية، دوراً حاسماً في تحديد ثمانية أهداف يتعين بلوغها بحلول عام 2015. وهذه الأهداف موجهة إلى الحد من الفقر والجوع، وتعزيز التعليم والمساواة بين الجنسين، وكذلك تحسين الصحة والشراكة العالمية من أجل التنمية.
ومع اقتراب التاريخ المحدد لتحقيق الأهداف الإنمائية للألفية وهو عام 2015، يقوم المجتمع الدولي بإعداد خطة التنمية الجديدة التي ينبغي أن تتناول بقية التحديات الإنمائية التي يواجهها العالم. وبعد مؤتمر قمة ريو+20 الذي عُقد في العام الماضي، والذي أكدت فيه الدول الأعضاء من جديد أهمية احترام وتعزيز حقوق الإنسان للجميع، يُتوقع أن تصدر الجمعية العامة للأمم المتحدة، في أيلول/سبتمبر 2013، قرارها الأول بشأن إطار التنمية الذي ينبغي أن يلي الأهداف الإنمائية للألفية.
والبلدان التي تم تحديدها باعتبارها قصص نجاح فيما يتعلق بالأهداف الإنمائية للألفية هي اليوم مواقع احتجاجات جماهيرية منددة بأعمال الحرمان والقمع وعدم المساواة الواسعة الانتشار. وقد نزل الناس في جميع أنحاء العالم إلى الشوارع لإبلاغ قادتهم أن النمو الاقتصادي وحده ليس مقياساً كافياً للتنمية. ومقياس التنمية الكافي هو، بالأحرى، ما يدل على التحرر من الخوف والتحرر من الفاقة اللذين لا يمكن تحقيقهما إلا إذا احترمت الحكومات وعززت المجموعة الكاملة من حقوق الإنسان لشعوبها دون تمييز.
وقد طالب المحتجون بعمل لائق ورعاية صحية كافية ومسكن مناسب وأمن شخصي، وحق في المشاركة في العمليات السياسية، وسبيل للوصول إلى القضاء، كما طالبوا بخضوع قادتهم للمساءلة عن قراراتهم.
وفي حلقة نقاش نظمها مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان (المفوضية السامية لحقوق الإنسان) في نيويورك في وقت سابق من هذا العام، حلل الخبراء الرسائل الرئيسية المتعلقة بحقوق الإنسان، التي انبثقت عن الدراسة الاستقصائية المعنونة "عالمي" على الإنترنت، و المشاورات العامة العالمية والوطنية بشأن إطار التنمية الجديد التي أُجريت في هذه الأشهر القليلة الماضية. وسعوا أيضاً إلى إيجاد سبل محددة لإدماج حقوق الإنسان في إطار ما بعد عام 2015.
وعند افتتاحه المناقشات، قال رئيس فرع قضايا التنمية والقضايا الاجتماعية والاقتصادية في المفوضية السامية لحقوق الإنسان، كريغ مخيبر، إن "النُهُج القديمة التي تركز بشكل ضيق على النمو الاقتصادي لم تعد وسائل للتنمية ذات مصداقية. ويطالب الناس، بالأحرى، بتحرر الجميع من الفقر ومن الفاقة دون تمييز."
وحتى ظهور ما يسمى’ الربيع العربي‘، كانت تونس تُعتبر إحدى قصص النجاح فيما يتعلق بالأهداف الإنمائية للألفية. وشدد السفير التونسي لدى الأمم المتحدة في نيويورك، محمد خالد الخياري، على أهمية حقوق الإنسان في تحقيق الأهداف الإنمائية.
وقال "على الرغم من أن تونس كانت، على الورق، في طريقها إلى تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية، فإنها لم تتمكن من منع الانتفاضة الشعبية بالنظر إلى وجود مواطن ضعف هيكلية في خطة تونس للتنمية ونمو اقتصادي فير منصف. وكان معدل البطالة متصاعداً، والفساد واسع الانتشار، والتنمية غير متكافئة. وتبين التجربة أن النمو الاقتصادي، من غير حرية التعبير والمشاركة، لا يكون مستداماً."
وأشار دانييل سيمور، من هيئة الأمم المتحدة للمرأة، إلى أنه جرى الاعتراف بعد ذلك بأن عدم المساواة، بما في ذلك عدم المساواة بين الجنسين، تحركه هيكلياً السياسات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية.
وقال "هناك توافق آراء كاسح على أن نهج حقوق الإنسان لخطة التنمية لما بعد عام 2015 نهج جيد. ويلزمنا أن نتصدى للتحيز الجنساني وعدم المساواة والتمييز القائم على أساس نوع الجنس، وأن نضمن أيضاً مراعاة مطالب وطموحات أضعف قطاعات السكان في خطة ما بعد عام 2015."
والأمل في وجود أهداف جديدة تركز على الأشخاص ذوي الإعاقة الذين يشكلون، طبقاً للتقرير العالمي عن حالات الإعاقة، 15 في المائة من سكان العالم، أعرب عنه فلاديمير كوك من التحالف الدولي المعني بقضايا الإعاقة.
"ينجم التمييز وعدم المساواة عن عدد كبير من العوائق مثل العوائق البدنية، وعوائق الاتصال، والتحيز الشديد، والوصم. وقد أدى هذا إلى عدم الإحساس بوجود الأشخاص ذوي الإعاقة وعدم قدرتهم على المشاركة في عملية صنع القرارات وهو ما يجعلهم، مع زيادة تعقده بعدم توافر الخدمات، معرضين في أحيان كثيرة جداً للفقر أو الفقر المدقع."
وقالت جسيكا إيفانز، كبيرة الباحثين في منظمة رصد حقوق الإنسان، إن إطار التنمية العالمي الجديد ينبغي أن يدعم مفهوماً للتنمية يحترم حقوق الإنسان ويتسم بأنه تشاركي وغير تمييزي، ويكون كذلك متوافقاً مع قوانين حقوق الإنسان.
ونبهت إلى أن "التنمية تُفهم على أفضل نحو بأنها إيجاد وضع يجري فيه إعمال جميع الحقوق والحريات الأساسية للناس. وينبغي أن يتضمن إطار التنمية الجديد هدفاً بشأن المشاركة والشفافية والمساءلة. وهذا ضروري لقيام المجتمعات بتشكيل سياساتها الإنمائية ولإعراب المستفيدين المستهدفين عن رأيهم جهاراً عندما لا يستفيدون من مبادرات التنمية."
وأشارت ساكيكو فوكودا-بار، الأستاذة في جامعة نيو سكول وعضوة فرقة العمل الرفيعة المستوى المعنية بالحق في التنمية، إلى أن الإجراءات التي تتخذها حكومة وطنية ليست التأثير الوحيد الذي يشعر به شعبها، ولكن شعبها يشعر أيضاً بالقرارات التي تتخذها الحكومات والجهات المعنية خارج حدود بلده، مثل القواعد والإعانات التجارية التي يمكن أن يكون لها تأثير كبير. وأضافت قائلة إنه لذلك يلزم عمل جماعي والتزام مشترك ليس فقط فيما يتعلق بالحق في التنمية ولكن أيضاً فيما يخص فكرة التعاون الدولي ذاتها.
وقالت فوكودا-بار "لا تستطيع البلدان الفقيرة الوفاء بالتزامها، وبصفة خاصة]فيما يتعلق بالهدف الإنمائي 6 للألفية [بشأن فيروس نقص المناعة البشري/الإيدز والملاريا حيث يلزم حشد العمل الدولي الجماعي. وروح الشراكة ذات أهمية محورية بالنسبة لذات الغرض الخاص بإعلان الألفية الذي اعترف بمجموعة قيم عالمية مشتركة. ويجب أن نتذكر أننا منخرطون في العمل في مجال الاقتصاد الأخلاقي بغرض مواصلة إعمال هذه القيم المشتركة."
وسلط إيغناسيو سايز، المدير التنفيذي لمركز الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، الضوء على أن المشاورات العامة العالمية اعترفت بأوجه القصور في الجانب الخاص بالمساءلة في عملية الأهداف الإنمائية للألفية.
وقال "إن الهدف النهائي لخطة ما بعد عام 2015 ينبغي صياغته من منظور حقوق الإنسان وإنه، لتحقيق هدف توفير حقوق الإنسان للجميع، يجب علينا تجاوز نطاق النمو الاقتصادي. وينبغي أن تتجاوز مواءمة معايير حقوق الإنسان مع خطة ما بعد عام 2015 بشأن ما تتحمل الدول المسؤولية عنه نطاق الديباجة، على عكس الأهداف الإنمائية الحالية للألفية ... ويجب تحميل الدول المسؤولية عن الجهود والنتائج والنواتج."
وفي نيويورك، أصدر مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان ومركز الحقوق الاقتصادية والاجتماعية منشوراً جديداً يبين بالتفصيل الأنواع المختلفة للمساءلة والكيفية التي يمكن بها معالجة ثغرات المساءلة، الموجودة في الأهداف الإنمائية الحالية للألفية، في إطار التنمية الجديد. اقرأ المنشور الكامل هنا، أو شاهد نسخة موجزة في عرض شرائح على منبرنا لوسائط التواصل الاجتماعي.
11 تموز/يوليه 2013