لا بدّ من إعادة التفكير بعمق أكبر لمنع وقوع فظائع جماعيّة
04 أيّار/مايو 2018
من أجل منع الفظائع الجماعيّة قبل وقوعها، تبقى العدالة الاجتماعيّة سبيلاً لا غنى عنه يساهم في السلام المستدام والأمن، وسبيلاً أساسيًّا لكسر دوّامة العنف.
وقد أشار المقرّر الخاص المعنيّ بالعدالة الاجتماعيّة بابلو دو غريف أمام مجلس حقوق الإنسان إلى ما يلي فقال: "لا يشكّل منع وقوع الفظائع شكلاً من أشكال الردّ على الأزمات. وهو يتخطّى جهود الإنذار المبكر بأشواط. ويشير كلّ ما يؤدّي إلى إطلاق نظام الإنذار المبكر إلى أنّ العمل الوقائيّ الهيكليّ المبكر لم يجرِ أو أنّه فشل في تحقيق الهدف منه."
وبيّنت دراسة مشتركة عرضها دو غريف ومستشارة أمين عام الأمم المتّحدة المعنيّة بمنع الإبادة الجماعيّة أداما دينغ أمام مجلس حقوق الإنسان، أنّه لم يتمّ بعد إدراك قدرة العدالة الاجتماعيّة على منع وقوع الفظائع بشكل كافيّ. وأضاف دو غريف من جهته أنّ سبب ذلك يعود بصورة أساسيّة إلى اعتبار العدالة الاجتماعيّة سياسة لا تتمحور إلاّ حول الماضي فحسب.
وأكّد قائلاً: "هذا الأمر مفاجئ لأنّ الوعد بعدم وقوعها مجدّدًا لطالما شكّل حافزًا أساسيًّا لتنفيذ إجراءات العدالة الاجتماعيّة."
وأشارت الدراسة إلى أنّ العدالة الاجتماعيّة تساهم في تحقيق السلام المستدام والأمن من خلال كسر دوّامة العنف والفظائع. وأضافت أنّ ذلك يمنح الضحايا حسًّا بالعدالة، ويحثّ على النظر في أوجه تقصير المؤسّسات الحكوميّة التي قد تكون هي من أطلق هذه الدوّامات لا بل عزّزها.
وتُبرِز الدراسة بعض الأسباب الرئيسة الكامنة وراء فشل المنع وقوع الفظائع حتّى اليوم: وهي الفشل في المبادرة إلى العمل في أبكر وقت مناسب ممكن ومنع تفشّي انتهاكات حقوق الإنسان المنهجيّة؛ وغياب الالتزام السياسيّ الحقيقي؛ والنقص في الاستثمار الماليّ الطويل الأمد والمستدام؛ وتقويض المعارف والخبرات.
وتُبيّن الدراسة من جهة أخرى قدرة المجتمع المدنيّ الهائلة على المساهمة في منع وقوع الفظائع. وقد اتّفق خبيرا الأمم المتّحدة كليهما على أنّ دور المجتمع المدني يمكنه أن يتخطّى بكلّ سهولة أهميّته الحاليّة الكامنة في المراقبة والرصد ورفع التقارير والمناصرة، فيساعد في استخدام وسائل العدالة الاجتماعيّة بصورة أكبر بعد.
وتحتلّ الأمم المتّحدة مركزًا متميّزًا يخوّلها تسيير إعداد إطار عمل وقائيّ شامل. إلاّ أنّ دو غريف شدّد على أنّه من الضروريّ إضافة مضمون جوهريّ يبرز الترابط بين منع وقوع الفظائع وحقوق الإنسان.
وتشكّل الدراسة المشتركة آخر عرض رسميّ لدو غريف الذي تمّ تعيينه كمقرّر خاص في العام 2012. وخلال مدّة خدمته، واجه تحدّيات ملحّة ومخاطر كبرى على مستوى الانتقال السياسيّ، من خلال التزامه الراسخ والمستمر مع الحكومات، والمجتمع المدنيّ، ولا سيّما مع الضحايا. وقد نقل إلى أرفع السلطات معاناة الضحايا الذين يطالبون بالحقيقية والعدالة والجبر لانتهاكات صارخة لحقوق الإنسان تعرّضوا لها، وساند الحكومات في إعداد استراتيجيّات شاملة تهدف إلى معالجة الماضي ومنع "المداورة" المشهورة في عالم السياسة. وقد أعدّ المقرّر الخاص السابق العديد من التقارير تناولت موضوع منع الانتهاكات، ودعا باستمرار إلى اعتماد إطار عمل شامل واستراتيجي لمنعها.
خلف بابلو دو غريف السيّدُ فابيين سالفيولي الذي بدأت ولايته في الأوّل من أيّار/ مايو 2018.
4 أيّار/ مايو 2018