عقوبة الإعدام تتعارض مع الحقّ في الحياة
31 كانون الثاني/يناير 2024
من شبه المستحيل أن نوفّق بين إنزال عقوبة الإعدام والكرامة الإنسانية والحق الأساسي في الحياة والحق في العيش بمنأًى عن التعذيب أو المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، على حدّ تعبير مفوّض الأمم المتّحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك.
وقد أعلن تورك أمام مجلس حقوق الإنسان قائلًا: "إنّ استخدام عقوبة الإعدام ضد أي إنسان لعمل فظيع ومروّع. أمّا استخدامها ضدّ أشخاص لم يرتكبوا حتى الجريمة التي اتهموا بارتكابها فيستحيل فهمه."
ما مِن مؤسّسة إنسانية مثالية، ما يعني أنه من الممكن التوصل إلى استنتاجات خاطئة مدمّرة قد تؤدي إلى قتل الأبرياء.
لطالما عارضت مفوضيّة الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان عقوبة الإعدام، وتعاونت مع الدول والمؤسسات من أجل إلغائها أو على الأقل وقف العمل بها. كما تساهم المفوضية، من خلال الأبحاث والتقارير والعمل مع الخبراء، على دحض بعض الخرافات المحيطة باستخدام هذه العقوبة. فعلى سبيل المثال، لم تجد مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان أي دليل على أن إنزال عقوبة الإعدام يردع الجريمة.
وقد أوضح تورك قائلًا: "تشير الأدلة بشكل قاطع إلى أن عقوبة الإعدام بالكاد تؤثر أو لا تؤثّر أبدًا على ردع الجريمة أو الحدّ منها. وفي الواقع، كشف عدد من الدراسات أن معدلات القتل لم تشهد أي تغيير لا بل انخفضت في بعض الحالات، في الدول التي ألغت عقوبة الإعدام."
كما أنّ الأدلة تشير إلى أنّ عقوبة الإعدام تُطبَّق بطريقة تمييزية، ضدّ الأشخاص المهمّشين أصلًا بسبب الأصل العرقي أو الدين أو الخلفية اللغوية أو الميل الجنسي أو الهوية الجنسية، على سبيل المثال لا الحصر.
وفي بيان صدر العام الماضي، أكّد المقرر الخاص المعني بحالات الإعدام خارج نطاق القضاء أو بإجراءات موجزة أو تعسفًا موريس تيدبول-بنز، والمقررة الخاصة المعنية بمسألة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة الدكتورة أليس جيل إدواردز إنهما لاحظا المعاناة والألم الشديدين اللذين يلحقان بالشخص المحكوم عليه بالإعدام، منذ لحظة صدور الحكم وحتى لحظة الإعدام و"قد تبين بشكل متزايد أنّ ذلك يتعارض مع الالتزامات بالامتناع عن التعذيب وسوء المعاملة."
وكرّرت مفوضيّة الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان الإعراب عن قلقها البالغ في هذا الصدد، عند إعدام كينيث يوجين سميث في الولايات المتحدة الأميركية، عن طريق الاختناق بغاز النيتروجين. وأكّدت في بيانها أنّ هذه الطريقة غير المُختبرة "قد ترقى إلى حد التعذيب أو غيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان."
أمّا المتحدّثة باسم مفوضيّة الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان رافينا شامداساني فقد أشارت من جهتها قائلة: "نحثّ جميع الدول على فرض وقف اختياري لاستخدام عقوبة الإعدام كخطوة نحو إلغائها عالميًا، بدلًا من ابتكار طرق جديدة لتنفيذها."
وفي إيران، تفيد التقارير بأن ما لا يقل عن 54 شخصًا قد أعدِموا في البلاد هذا العام حتى اليوم. وحثّ تورك الحكومة الإيرانية على فرض وقف فوري لاستخدام عقوبة الإعدام، بهدف إلغائها تمامًا في نهاية المطاف.
التعهّد ببناء مستقبل أكثر إشراقًا
تمّ أحراز بعض التقدّم في مجال إلغاء عقوبة الإعدام على المستوى العالمي. ففي العام 1946، أُلغِيَت عقوبة الإعدام في ثمانية بلدان فقط. أمّا في العام 2023، أي بعد مرور أكثر من سبعة عقود، ارتفع هذا العدد ليبلغ 170 دولة. وكانت غانا وغينيا الاستوائية من بين آخر الدول التي ألغت عقوبة الإعدام، بدعم جزئي من عملية الاستعراض الدوري الشامل للأمم المتحدة.
وضمن إطار الاحتفال بالذكرى السنوية الـ75 لاعتماد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، نظّمت مفوضية الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان في كانون الأوّل/ ديسمبر 2023، حدثًا رفيع المستوى ضمّ عددًا من القادة والمشاركين من جميع أنحاء العالم. وقدّمت الدول الأعضاء، تعبيرًا عن التزامها بحقوق الإنسان، تعهدات بما ستفعله لتعزيز حقوق الإنسان والدفاع عنها وحمايتها، فتعهّد كلّ من تشاد وجمهورية الكونغو وزامبيا وليبيريا بإلغاء عقوبة الإعدام.
وقد أوضح المفوض السامي تورك قائلًا: "تبيّن التعهدات التي تلقيناها جوعنا للقيام بعمل أفضل في ما يتعلق بحقوق الإنسان. أمّا مفوضيّتنا فتتعهّد بأنّها ستبقى شريكًا موثوقًا به في مجال الحقوق، في سعيها وراء تحقيق هذه الرؤية."
المزيد من التفاصيل بشأن عمل مفوضيّة الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان في مجال عقوبة الإعدام وإلغائها والمسائل ذات الصلة، في المنشورات التالية:
التخلّص من عقوبة الإعدام: الحجج والاتّجاهات والآفاق
التخلّص من عقوبة الإعدام: الدروس المُستفادة من الخبرات الوطنية