الأمين العام للأمم المتحدة: الحقّ في المشاركة غاية في الأهميّة اليوم أكثر من أيّ وقت مضى
25 أيلول/سبتمبر 2020
أعلن أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، في خلال حدث نظّمته مفوضيّة الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان على هامش الجمعية العامة للأمم المتّحدة، أنّ الحقّ في المشاركة يصبح غاية في الأهميّة في أوقات الأزمات أكثر من أيّ وقت مضى.
أعلن أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، في خلال حدث نظّمته مفوضيّة الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان على هامش الجمعية العامة للأمم المتّحدة، أنّ مشاركة الرأي العام المجدية في صنع القرار حقّ من حقوق الإنسان الذي لا بدّ من الدفاع عنه وتعزيزه تصدّيًا للنكسات، كما أنّها تزداد أهميّة وحتمية في سياق أزمات مثل جائحة كوفيد -19.
وفي معرض حديثه خلال الحدث الافتراضي الذي ضم مفوضة الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان ميشيل باشيليت وممثلي الدول الأعضاء والمجتمع المدني، أكد الأمين العام على الأزمات المتعددة التي تواجه القادة السياسيين والمجتمعات في جميع أنحاء العالم.
فقال: "إنّ نافذة معالجة تغير المناخ على وشك الإقفال. كما أنّ أوجه عدم المساواة والتهميش بلغ مستويات جديدة. وتسبب كوفيد-19 في معاناة بشرية على نطاق واسع وفي جمود اقتصادي رهيب. وقد أمست عقود من التقدم على المستوى العالمي في مجال الصحة، والتنمية، والحدّ من الفقر، والمساواة وحقوق الإنسان في دائرة الخطر. والناس في جميع أنحاء العالم يعبرون بصوت عالٍ عن استيائهم. ولا يثقون في أنّ العملية السياسية تخدم مصالحهم.
وتابع قائلاً: "سلّطت هذه الأزمات الضوء على الظلم الاجتماعي والاقتصادي الذي يعرقل مجتمعاتنا، ويطرح تحدّيات هائلة على مستوى الحوكمة بالنسبة إلى المجتمعات والمجتمع العالمي. ويتطلب التغلب على هذه التحديّات مقاربات تديرها الوحدة والتضامن والتعاطف. لذلك، نحتاج إلى نماذج وهياكل حوكمة تخدم الصالح العام، وتعتمد منظورًاًا مشترك بين الأجيال. وعلينا أن نمنح الأولوية لإعادة بناء الثقة بين الناس والمؤسسات والقادة. كما أنّنا بحاجة إلى قيادات في مجتمعاتنا تمثّل كل من الرجال والنساء على حدّ سواء."
وتابع قائلاً: "يكمن مفتاح إعادة تنشيط الحوكمة وإعادة تصورها في مشاركة الأفراد والمجتمع المدني الهادفة فعلاً في القرارات التي تؤثر على حياتهم"، مشددًا على أن السخط الشعبي لا يعكس نفاد صبر الناس بسبب الوضع الراهن فحسب، بل أيضًا رغبتهم في المشاركة لإحداث تغيير إيجابي.
وأضاف قائلاً: "إنّ المشاركة في الشؤون العامة هي حق أساسي من حقوق الإنسان وأداة غير مستغلة بشكل كافٍ لصنع سياسات أفضل. كما تعمق إدراكنا القضايا المختلفة وتساعد في تحديد حلول أفضل. وتضمن التعبير عن المخاوف، وتحد من التوتر الاجتماعي وتمنع العنف. وتؤدي إلى شعور أكبر بالملكية، ما يسمح بالتنفيذ الفعال. وقد تشكّل النقطة الفاصلة بين التقدم والفوضى."
تدهور عالمي
قال الأمين العام إنّ الحقّ في المشاركة يتعرض للهجوم على الرغم من مزاياه البارزة:
"في العديد من الأماكن حول العالم، يتم رفض المشاركة وسحق الحيّز المدني. لقد أدت النكسة العالمية لحقوق الإنسان إلى وضع المشاركة في دائرة الخطر. فنحن نشهد قوانين وقيودًا قمعية تُفرَض على الصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان، ولا سيّما على النساء منهم، وغالبًا ما تؤدّي إلى قتلهم أو سجنهم بتهم ملفقة. والحكومات التي غالبًا ما تعتمد تعريفات فضفاضة للغاية لمصطلح الإرهاب، تسيء استخدام التقنيات الجديدة بهدف الحد من الحريات الأساسية لوسائل الإعلام ومجموعات المجتمع المدني."
وحذر من أن "الحيّز المدني يتقلص، تمامًا كما هي حال حقوق الإنسان."
وأكّدت المفوّضة السامية باشيليت رسالة الأمين العام.
فقالت: "حماية واحترام الحقّ في المشاركة هما من الالتزامات القانونية التي تعهدت بها كل دولة عضو. ولكن الحقّ في المشاركة يشكّل أيضًا إحدى الأصول الأساسيّة للحكومات، حتى ولو لم يتم الاعتراف بذلك دائمًا.
ولكي تكون المشاركة "هادفة وفعالة" يجب ألا تقتصر على المشاركة الرسمية أو الرمزية فحسب، بل أن تؤثّر فعلاً على القرارات، وأن تجري في الوقت المناسب وبشكل مستدام. والأهم من ذلك كلّه، يجب أن تأتي المشاركة شاملة، وأن تطال على وجه التحديد الفئات المهمشة والضعيفة."
حالة طوارئ عالميّة
أفادت المفوضة السامية في ملاحظاتها بأنّه من الضروري أخذ الرسائل الخمس التالية في الاعتبار:
- المشاركة مبدأ أساسي من مبادئ الحوكمة؛
- المشاركة ضرورية لتحقيق مقاصد الأمم المتحدة الأساسية؛
- ليست المشاركة بحدّ ذاتها حقًا من حقوق الإنسان فحسب، بل تدعم وتعتمد أيضًا على حقوق أخرى ضرورية جماعيًا للحوكمة الفعالة والتنمية والسلام؛
- عندما يُمنع الناس من المشاركة في صقل القرارات التي تؤثر عليهم، قد تأتي عواقب الحوكمة وخيمة؛
- تعزيز المشاركة مصدر قلق بالغ عالمي وملحّ.
فالحوكمة في عالمنا أمام مفترق طريق. لقد سلّط الوباء الضوء على عدم المساواة الناجمة عن ضعف حوكمة التنمية وتغير المناخ والسلام والأمن وفضحها وغذّاها. كما يعكس التصاعد المستمر في الحركات الاحتجاجية في جميع أنحاء العالم هذه الأزمات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وفرص المشاركة السابقة غير الملائمة. لا يمكن أي حكومة أن تتجاهل هذه المطالب القوية بالتغيير."
وقد نظّم هذا الحدث مكتب مفوضية الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان في نيويورك تحت عنوان "المشاركة وحقوق الإنسان والحوكمة"، وشارك في رعايته كلّ من الأرجنتين وأوروغواي وأوكرانيا والدانمرك وغامبيا وكوستاريكا.
وأشار المتحدثون من الدول الأعضاء والمجتمع المدني، بأشكال مختلفة إلى أهمية المشاركة على المستويات المحلية والوطنية والدولية، وإلى دور المشاركة في مساعدة أيّ بلد على التغلب على انتهاكات حقوق الإنسان والأزمات الماضية، وإلى المشاركة كأداة حيوية للتغلب على جائحة كوفيد-19، وإلى الأهمية القصوى للنوع الاجتماعي في المشاركة، وإلى الوضع الخطير للسكان الأصليين والأقليات عندما يستبعدون عن المشاركة في الحوكمة.
وكان من بين المتحدثين من المجتمع المدني ساتا شريف، وهي ناشطة شبابية اختارتها الأمم المتحدة كقائدة شابة لأهداف التنمية المستدامة، وهي المؤسسة والمديرة التنفيذية لمنظمة العمل من أجل العدالة وحقوق الإنسان في ليبيريا.
فقالت: "محادثة اليوم غاية في الأهميّة. لقد تبيّن جليًا أن مجتمعاتنا تصبح أماكن أفضل وأكثر أمانًا، وأنّه يمكن تحقيق جداول الأعمال التنموية بكلّ سهولة… عندما يتم منح الشباب حيّزًا للمشاركة. ويتم أيضًا سنّ قوانين أفضل، وتوليد أفكار مبتكرة، كما يخطو العالم خطوة إضافية نحو تحقيق المساواة.
كل ما نحتاج إليه هو مساحة مناسب، وفرصة ملائمة، وإرادة حكومية وموارد. فرغبتنا جميعنا هي نفسها، وهي تحقيق عالم عادل ومستدام، يعمّه السلام والأمان."