إعادة صياغة الخطابات بشأن الهجرة عبر اعتماد إعلانات أخلاقية
22 كانون الاول/ديسمبر 2020
للوهلة الأولى، لا تبدو صناعة الإعلان العالمية وكأنّها بحاجة إلى إطلاق حوار حول المهاجرين وحقوق الإنسان. إلاّ أنّ الإعلانات تغذي كل ما يخطر على البال، انطلاقًا من الصحف وصولاً إلى عمالقة التكنولوجيا مثل غوغل وفايسبوك، وتعجّ جميعها بخطابات الكراهية والمعلومات المضللة التي تستهدف المهاجرين وغيرهم من الأقليات الأخرى.
وقد أشار أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى أن الخوف هو "السلعة الأكثر مبيعًا في العالم اليوم... لأنّه يخضع للتقييم. ويفوز بالأصوات. ويولّد تفاعلات."
من المجلّات الغربية التي تُشَيْطِن المهاجرين، إلى خطابات الكراهية التي ينشرها مستخدمو فايسبوك وتستهدف أقلية الروهينغيا في ميانمار، فإنّ المشكلة متفشّية على المستوى العالمي، وقد تفاقمت مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي.
وأفادت كبيرة المستشارين المعنية بالهجرة في مكتب مفوضيّة الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان في بانكوك، بيا أوبوروا، واصفةً السنوات القليلة الماضية التي عملت خلالها على هذه القضية، فقالت: "لقد أصبحنا ندرك أكثر فأكثر كيف أن سيل الرسائل البغيضة بشأن الهجرة أدى بشكل مباشر إلى تصاعد العنف وسوء المعاملة ضد المهاجرين، وبشكل غير مباشر إلى بعض السياسات الفظيعة حيث سعى القادة السياسيون إلى الرد على هذه الرسائل عبر إلقاء اللوم على الضحايا، وحرمان المهاجرين من الخدمات الاجتماعية، واحتجازهم إلى أجل غير مسمى، وممارسة العنف على الحدود.
وسرعان ما أصبح من الواضح أن الوضع لا يمكن تحمله، فقرّر المجتمع الدولي أن يتفاوض على إطار سياسي يعالج القضيّة." ونتيجة لذلك، تمّ اعتماد اتفاق الأمم المتّحدة العالمي من أجل الهجرة الآمنة والمنظمة والنظامية في كانون الأوّل/ ديسمبر 2018، وهو اتفاق غير ملزم بحكم القانون.
ويتضمن دعوة وُجِّهَت إلى الدول كي تستثمر في معايير الإبلاغ والإعلانات الأخلاقية، وفي "تعزيز الخطاب العام القائم على الأدلة لتغيير النظرة إلى الهجرة".
لكنّ التصدّي للجهود العالمية المبذولة من أجل اعتماد سياسات بشأن الهجرة القائمة على حقوق الإنسان، كان ولا يزال متفشيًا على نطاق واسع، بحسب ما أكّدته أوبوروا في بثّ صوتي رقمي في 7 كانون الأوّل/ ديسمبر لشبكة Conscious Advertising Network. فعلى سبيل المثال لا الحصر، ارتكب المسلحُ في نيوزيلندا الذي قتل 51 شخصًا في هجوم استهدف، في آذار/ مارس 2019، مصلين مسلمين في مسجدَيْن في كرايستشيرش، مجزرتَه بسلاح حُفِر على فوهته العبارة التالية: "هذا هو ميثاق الهجرة الخاص بكم."
ما هي إذًا أفضل طريقة للتغلب على التحديات وتغيير الخطابات المتعلقة بالهجرة؟ ردّت أوبوروا قائلة: "أَعتَبِر أنّ المزيد من الحوار والنقاش والتعاون هو مفتاح الحلّ. لقد حاولنا خلال السنوات الماضية أن نفهم بشكل أفضل أين تقع حقوق الإنسان ضمن هذه المعادلة، وكيف يكمن إشراك الشركات في حوار بشأن حقوق الإنسان يعنيها حقيقةً." وتقر استراتيجية وخطّة عمل أمين عام الأمم المتحدة بشأن خطاب الكراهية، بالدور المهم لوسائل الإعلام وقطاع الأعمال في معالجة المشكلة.
وقد انخرطت مفوضيّة الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان، بالتعاون مع شركائها من المجتمع المدني مثل Stop Funding Hate، مع شبكة Conscious Advertising Network، وهي ائتلاف طوعي يضمّ علامات تجارية ووكالات إعلان ومنظمات غير حكومية سخّرت طاقاتها لتغيير طريقة عمل الإعلانات ومحتواها.
وأعلن الشريك المؤسس للشبكة جيك دوبينز، في بثّ صوتي رقمي في كانون الأول/ ديسمبر قائلاً: "أصبح عالم الإعلان يدرك شيئًا فشيئًا حقيقة أننا نمول جزءًا كبيرًا مما يُنشَر على الإنترنت، سواء أأحببنا ذلك أم لا. فهذا الحوار، وهذا التفاهم المتبادل المستمر بين عالم حقوق الإنسان وعالم الإعلان، ضروري للغاية. وفي عالم تسيطر عليه نماذج الأعمال التجارية التي تجني الأموال من نشر الكراهية والمعلومات المضللة، يقع على كاهلنا جميعنا أن نتحمّل المسؤولية معًا وأن نعمل معًا ونتعلم لغات بعضنا البعض من أجل حلّ هذه المشاكل بشكل أفضل."
برزت هذا العام فكرة أن الإعلان يشكّل قضية من قضايا أخلاقيات العمل، بفضل حملة #StopHateForProfit، وقرار عدد من الشركات الهندية مثل Bajaj Auto وParle-G بعدم بثّ إعلاناتها على المنصات الإعلامية "السامة".
وأشار دوبينز أيضًا إلى أن مفوضيّة الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان "فتحت أعيننا على أهمية اتباع نهج قائم على حقوق الإنسان في الأعمال التجارية. فالإعلانات تمول الإنترنت والخطابات التي نتأثر بها جميعنا يوميًا. وغالبًا ما نتحدّث عن "سلامة العلامة التجارية" ونتناسى تأثيرنا على سلامة وحقوق البشر والمجتمعات حيث نعيش."
شارك هذا العام كل من أوبوروا ودوبينز وجيري دايكن من GlaxoSmithKline Consumer Healthcare، وأمير مالك من Accenture Interactive، في حلقة نقاش بشأن "الأعمال المحدّدة المقصد" خلال أسبوع الإعلان للعام 2020 وتناولوا موضوع "اقتصادات الكراهية".وناقشوا واقع أنّ 600 مليار دولار أميركي تُنفق سنويًا على الإعلانات في كافة أنحاء العالم، وأن المعلنين يسهّلون تفشّي خطابات الكراهية والمعلومات المضللة ولو عن غير قصد.
وختمت أوبوروا قائلة: "نأمل أن نرى المزيد من جهات القطاع الخاص تتخذ موقفًا وتتصدّى بأعمالها للكراهية، وتدعم الإعلان والإنفاق أخلاقيَيْن والقائمَيْن على الحقوق. ونرغب في أن نشهد انطلاقة هذه الشراكة في جميع أنحاء العالم. وحيثما تنتشر الأسواق والعملاء، تبرز مخاوف من استهداف المجتمعات الضعيفة وتهميشها، ومن تضخيم هذه الممارسات عن غير قصد من خلال عائدات الإعلانات."
انضمّوا إلينا كي نعيد صياغة الخطاب بشأن المهاجرين. الحملة ومجموعة الأدوات متوفّرة على هذا الرابط.
في 22 كانون الأوّل/ ديسمبر 2020